النثر والشعر المستحدث 

في الأندلس 



الدكتور سعود غازي الجودي



 =========== 


تمهيد


( الوحدة الأولى )
الفنون الشعرية المستحدثة في الأندلس
1ـ فن الموشحات
2ـ فن الزجل

( الوحدة الثانية )
فنون النثر الأندلسي
تراجم لبعض الكتاب والشعراء

===============







تمهيد
(1)
ماذا تعرف عن الأندلس ؟
الأندلس ، اسم أطلقه الفاتحون على ما يسمى اليوم بأسبانيا والبرتغال ، وهي شبه جزيرة إيبيريا .
وحدودها :
من الشرق : مضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي  .
 ومن الغرب: المحيط الأطلسي .
 من الجنوب : المحيط الأطلسي .
من الشمال : فرنسا .
 التضاريس
-الهضبة الكبرى وهي تشغل جزءاً كبيرا من مساحتها.
ــ سلاسل من الجبال تكاد تطوق الهضبة .
ــ والسهول المنبسطة المحايدة بين الجبال والهضبة , وتمتد تلك السهول إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط  . 
ــ الأنهار الكبيرة التي تجري على مدار السنة ، ومن أشهرها الوادي الكبير وهو الاسم التي أطلقه العرب ، وهناك الأنهار الصغيرة , والعيون, والآبار.
المناخ  :
  ومن حيث المناخ فإنه معتدل بشكل عام , والأمطار تقل وتكثر بحسب المناطق ، فالمناخ في شمال الجزيرة يغلب عليه المناخ الأوروبي ، وفي الجنوب يغلب عليه المناخ الأفريقي ، وتمثل بلاد الأندلس قطاعاً كاملاً من العالم بطبائعه المختلفة وأجوائه المتعددة وحاصلاته المتباينة . 
    والأندلس بلاد حباها الله بالخيرات ، وتتخللها شبكة من الأنهار ، ولذا تكاثرت مدنها فلا تكاد تخرج من مدينة إلى وصلت إلى ريفٍ أو قرية أو بلدة ، ومن مدنها التي ذكرت في التاريخ ، طليطلة وطريف وبلنسية وقرطبة وغرناطة وبرشلونة وإشبيلية ومالقة وألمرية وطرطوشة وطركونة وبجاية وبطليوس وغيرها .
   ولقد تميزت بلاد الأندلس بما حباها الله من جمالٍ في الطبيعة، فكثرت منتجاتها الزراعية والحيوانية ، وتعددت الخيرات بها ، واشتملت على كل مكونات الطبيعة من الصحاري والسهول والهضاب والمرتفعات والأودية والشعاب والأنهار والطيور والأزهار ، وغير ذلك .
فتح الأندلس:
    فُتحت في أواخر القرن الأول الهجري وأنشأ المسلمون في الأندلس حضارة زهاء 850 سنة وكانت البلاد تحت حكم الإسلام ، وعبّر عنها العرب بأنها جنة من جنان الأرض .
يقول ابن خفاجة رحمه الله :
يا أهــل  أندلسٍ   لله دركــــــــــم :: ماء وظلٌ وأنـــــهار وأشجارُ
ما جنة الخلد إلا في دياركـــــــــم :: ولو تخيرت هذي كنت أختار
لا تحسبوا بعد ذا أن تدخلوا سقراً :: فليس يدخل بعد الجنة النار

==================
 س / متى فتحت الأندلس ؟ وما الهدف من فتحها ؟
ج/ كان الهدف من فتح بلاد الأندلس ، نشر الإسلام وتوسيع رقعة البلاد الإسلامية ، ولقد فتحت الأندلس في أواخر القرن الهجري الأول ، بين عامي 92 و95 هـ ، وكان فتحها امتدادا لفتح بلاد المغرب على يد طارق بن زياد ومولاه موسى بن نصير ، وكان موسى قائدا للجيش من قبل عبد العزيز بن مروان عامل مصر من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك في دمشق .
ويقسم مؤرخو الأدب الأندلسي عصور الأندلس الأدبية إلى  :
1ـ عصر الولاة .
2ـ عصر الإمارة .
3ـ عصر الخلافة .
4ـ عصر الحجابة .
وهذه كلها عصور أموية .
5ـ عصر الطوائف والدويلات ، ويعد أزهاها أدبياً ، وأضعفها سياسياً.
6ـ عصر المرابطين
7ـ عصر الموحدين
8ـ عصر بني الأحمر في غرناطة
ثم سقطت بلاد الأندلس في يد النصارى ولا زالت إلى الآن تحت الحكم الأسباني  .
======================
(2)
الحركة الفكرية والنهضة الأدبية في الأندلس
   سطعت في الأندلس  شمس العلم والأدب والفن وعرفت بلاد الأندلس في مختلف عهودها طائفةً من أعظم المفكرين والأدباء والشعراء والفنانين الذين أسهموا في بناء الحضارة العربية.
     ولقد عرفت الحياة الحضارية والفكرية تطورات مختلفة متبعة تطور تاريخ الأندلس السياسي ، فقد وصلت هذه الحياة ذروة القوة في عهد الخلافة الأموية أيام حكم عبد الرحمن الناصر وولده الحكم ولكنها لم تصل إلى ذروة نضجها الفكري.
       ولما انهارت الخلافة الأموية وسادت الفوضى أرجاءَ الأندلس في عهد الفتنة ذوت الحضارة الأندلسية وخبت مظاهرها العمرانية والفكرية حتى جاءت دول الطوائف فاستطاعت على رغم تطاحنها أن تعيد بهاء الحضارة الأندلسية في قصورها ومنشآتها ومجتمعاتها، وعرفت الأندلس في هذه الحقبة المضطربة من تاريخها طائفة من أعظم مفكريها وأدبائها وشعرائها أمثال الفيلسوف ابن حزم (-456هـ) والمؤرخ ابن حيان (-469هـ) والشاعر ابن زيدون (-462هـ) والشاعر الأديب ابن عبدون (-520هـ) وغيرهم ، بل إن ملوك الطوائف أنفسهم كانوا في طليعة الأدباء والشعراء كالعالم عمر بن الأفطس صاحب بطليوس، والمعتضد والمعتمد صاحبي إشبيلية، والمعتصم بن صمادح صاحب المرية.
    ولكن هذه النهضة الفكرية والأدبية ما عتمت أن توقفت عقب استيلاء المرابطين على الأندلس سنة 484هـ. إذ كان هؤلاء المرابطون شديدي التعصب، قساةً غلاظاً، ألفوا الحرب والخشونة فلم تجد دولة الفكر والأدب في ظلّهم مرتعاً خصباً ، ومع هذا فقد تألقت في عهدهم القصير بعض الأسماء أمثال الفيلسوف ابن باجة والفتح بن خاقان وابن بسام صاحب كتاب (الذخيرة) وابن قزمان صاحب الأزجال الشهيرة ، ولكنَّ ظهورهم وظهور أمثالهم  في هذه الفترة لم يكن إلاّ امتداداً للنهضة الفكرية التي ازدهرت في عهد ملوك الطوائف.
     ثم جاءت دولة الموحدين فانتعشت الحضارة الأندلسية ونشطت حركة التفكير لأن الموحدين كانوا أكثر انفتاحاً على الفكر من المرابطين. فأُفرج عن كتب الغزالي وغيره من مفكري المشرق، وظهرت في هذه الفترة أي في أواخر القرن السادس الهجري أسماء لامعة في الأندلس أمثال ابن الطفيل الإشبيلي (-571هـ) صاحب رسالة حي بن يقظان والفيلسوف ابن رشد القرطبي (-594هـ ) .
     كما ظهر عدد من أعلام الشعر والأدب مثل أبي القاسم خلف بن بشكوال (-578هـ) وابن بدرون المتوفي في فاتحة القرن السابع وهو شارح قصيدة ابن عبدون الشهيرة في رثاء بني الأفطس ، وازدهرت المعاهد العلمية في أيام الموحدين بالمغرب والأندلس، وكانت المعاهد الأندلسية في إشبيلية وقرطبة وغرناطة وبلنسية ومرسية يومئذ مجمعَ العلوم والمعارف ومقصِدَ الطلاب من كل فج.
     ولما اضحملَّ شأن الموحدين وضعف أمرهم بالمغرب والأندلس في أوائل القرن السابع الهجري وبدأت قواعد الأندلس تسقط تباعاً في أيدي الأسبان شُغلت الأندلس بمحنتها وانكمشت فنون السلم واضطربت دولة التفكير والأدب. وقد أثّرت المحنة في نفوس الشعراء فأذكت عواطفهم بشعر اللوعة والأسى.
     وانجلت الفتن الداخلية وانجلى الصراع بين إسبانيا المسلمة وإسبانيا النصرانية عن سقوط معظم القواعد الأندلسية بيد الأسبان، وانكمشت الدولة الأندلسية في مملكة غرناطة الصغيرة ، وفي ظل هذه المملكة الصغيرة التي قاومت قرنين من الزمن انتعشت الحركة الأدبية بعد أن آنست جواً من الطمأنينة والهدوء ، ولكن طابع هذه الحركة اقتصر على الشعر والأدب وبقيت الحياة العقلية في حالة من الركود.
      وعموما فإن وجود التيارات الفكرية المتعارضة كان له أثره على حركة الأدب ، فمثلا عند نشاط التيارات الماجنة ، تنشط التيارات الإصلاحية ، كما كنا نجد في العصر العباسي عندما ظهر أبو نواس ظهر أبو العتاهية في نفس الوقت .
=================
(3)
صلة الأندلس بالمشرق ثقافيا وعلميا  
   كان شعراء الأندلس يشعرون أن أصولهم من المشرق و صلتهم لم تنقطع معها لا ثقافيا ولا علميا ، وابن عبد ربه لما كتب كتاب العقد الفريد حاول أن ينقل أدب المشارقة إلى أهل الأندلس ، وعموما فإنه كلما ظهرت مدرسة أدبية في المشرق رأينا صداها في الأندلس ، وكلما ظهر كتاب في المشرق نجده في المغرب والأندلس ونجد نوعا من التقليد والمحاكاة ، والإعجاب ، من أهل الأندلس بأهل المشرق ، ويلاحظ في الأندلس أنك لا تكاد تجد كاتبا إلا هو شاعر ، والعكس صحيح .
   وإذا كانت الأندلس قد طمحت إلى الاستقلال السياسي عن المشرق منذ بدء تاريخها فإنها لم تستطع أن تفلت من الخضوع له ، بل كانت تنظر إليه في المجال الأدبي والثقافي متأثرةً أيضاً بالجو الجديد الذي عاشته، وبقي المشرق قبلة الأندلسيين، وكانت الرحلة إلى الشرق في طلب العلم ولقاء الشيوخ أمنيةً يرجوها كل مثقف أندلسي ، حتى إذا ما رحل إلى الشرق عاد لينشر في الأندلس ما حمله من معارف وما أخذه من شيوخ المشرق .
     ومن المؤكد أن الحياة الفكرية والأدبية في الأندلس قد أثّر فيها الاختلاط العنصري تأثيراً كبيراً، ولئن كان الأندلسيون قد تأثروا بالحياة الجديدة فقد بقوا مقلدين في آدابهم للمشارقة ، إلاّ في بعض الفنون الشعرية كظهور فن الموشحات الذي نشأ في الأندلس وكان نموذجاً جديداً في الشعر العربي
    وعندما يسافر المرء اليوم إلى بلاد الأندلس ويرى ما تبقّى فيها من آثار عربية ويتجوّل في مسجد قرطبة والقصر في إشبيلية وقصر الحمراء في غرناطة ، ويدخل تلك البيوت البيضاء العربية الإسبانية ، وقد تدلّت من نوافذها أُصصُ الأزهار ، ورقصت في ساحات دورها نوافير المياه ، وتمايلت على حافاتها أشجار النارنج ، عندما يرى المسافر ذلك يتراءى له ذلك المجد القديم العظيم، مجدُ بني أمية ومجد الشرق العربي ، ومجد دمشق ، ورحم الله أحمد شوقي عندما قال:
لولا دمشق لما كانت طليطلة        ولا زهت ببني العباس بغدان
===========================
(4)
روافد الثقافة العربية في الأندلس
1ـ الحروب
 الرحلات : وهي على نوعين :
أ‌-  داخل الأندلس ، ومن أشهر من قام برحلات داخل الأندلس وكتب عنها ( ابن الأبار وابن الخطيب الأندلسي )
ب‌- خارج الأندلس ومن أشهر من قام برحلات خارج الأندلس وكتب عنها ( ابن بطوطة وابن جبير )  
3ـ الهجراتوهي على نوعين  :
 أ‌-  من بلاد الأندلس ، ومن أهم من هاجر من بلاد الأندلس إلى المشرق ( ابن خلدون وابن مالك النحوي صاحب الألفية )
ب‌-  إلى بلاد الأندلس ، ومن أهم من هاجر إلى بلاد الأندلس من المشرق ( ابن صاعد اللغوي البغدادي ، وأبو علي القالي صاحب الأمالي ، وزرياب )

============================







(5)
بواعث الإبداع في الأندلس
س / ما الذي حرك أهل الأندلس لإنتاج كل هذه النصوص ؟
لعل أهم بواعث الإبداع في الأندلسي ، هي  :
1ـ الطبيعة الأندلسية  :
    فالطبيعة مليئة بالصور الجميلة ، والمتمثلة في المناظر الخلابة من ورود وزهور إلى طيور مختلفة الألوان والأشكال إلى غير ذلك .
 الاختلاط بالعناصر المختلفة  :
  وقد أحدث هذا نوع من التأثر بالثقافات المختلفة ، وهم القوط والعرب والبربر والموالي ، ثم من أُسر في الحروب من الأوروبيين ، وبيع على أساس أنه مملوك وسموا بالصقالبة ، وكان محركا من بواعث الإبداع في إنتاج الأدب.
3ـ التقلبات السياسية التي مرت بها الأندلس:
وكانت سببا في نشاط حركة الأدب ، فكل حاكم يريد أن يأخذ الشعراء إليه .
4ـ المرأة الأندلسية  : وهي مكون من مكونات الطبيعة ، وعنصر مهم في الأدب فهي ملهمة الشعراء ، وتميزت المرأة في الأندلس بالجمال الآخاذ ، وهي أديبة أحيانا ، مثل ولادة بنت المستكفي  .
5ـ الحكام الذين كانوا يشجعون على العمل الفكري والأدبي ونذكر منهم عبد الرحمن الناصر  .
6ـ نشاط الغناء والاهتمام به ، ويلاحظ كثرة المغنيات وكانوا سببا من الأسباب المؤثرة في ازدهار الحركة الأدبية  : مثل قلم وعجفاء وقمر ، وغيرهن  .

========================



(6)
اللغات في الأندلس :
    كانت اللغة السائدة والرسمية للبلاد هي اللغة العربية ، وعرف بالأندلس اللغة الرومانية واللاتينية ( اللاطينية كما يسميها ابن حزم القرطبي ) ، بالإضافة إلى اللهجة المحلية ، وهي تشبه كثيراً لهجة المغاربة اليوم ، يظهر ذلك مما تركوه من شعر الزجل .
=====================
(7)
الديانات في الأندلس
   لاشك أن الهدف من فتح بلاد الأندلس كان توسيع رقعة البلاد الإسلامية ، ونشر دين الإسلام ، ومن هنا كان الدين الرسمي للبلاد الأندلسية هو الإسلام  ، إلا أن المسلمين تعايشوا مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى وفرضوا الجزية عليهم ، ولم يسمحوا لبقاء أي ديانة وثنية .
=================
(8)
أثر الطبيعة في الأدب الأندلسي
=================
    لقد لحق شعراء الأندلس في شعر الطبيعة شعراء المشرق ثم تقدموا عليهم وفاقوهم فيه و التنوع في موضوعاته والتجديد والابتكار في صوره و أشكاله.

    

         والملاحظ على ما خلفوه من شعر في هذا الفن أنهم لم يقفوا به عند اتجاه واحد ، وإنما نرى لهم فيه اتجاهات شتى ، و لعل منشأ هذا التنوع في الاتجاهات ،  راجع إلى أنّ محبتهم لطبيعة الأندلس الجميلة كانت عميقة الجذور في نفوسهم ،  و من ثمّ فإنهم كانوا كلما التقوا بها أوواجهوها في مكان أو موقف ما ، هزّت مشاعرهم و شاعريتهم ، و ألهمتهم من معانيها ما لا يملكون له دفعا إلاّ بالتعبير عنه تمجيدا لهذه الطبيعة وتغزلا بها.
و سوف نشير إلى أهم السمات العامة المشتركة ، و فيما يلي إجمال لذلك:



1ـ غلبة التشبيه و الاستعارة على أساليبهم ، فالتشبيه يرينا المعاني الممثلة بالأوهام شبها في الأشخاص الماثلة و الأشباح القائمة، و الاستعارة تبرز المعاني أبدا في صورة حية مستجدة تزيد قدرها نبلا ، و كلا الأسلوبين : أسلوب التشبيه و أسلوب الاستعارة يدل على خصب خيال وسموه و سعته و عمقه.
بث الحياة والنطق في الجماد ، لما لذلك من طرافة ووقع حسن في النفوس ومن أمثلة ذلك قول أبي إسحاق إبراهيم بن خفاجة الأندلسي في وصف جبل:



وقور على ظهر الفلاة كأنـــــــــــه  :: طوال الليالي ناظر في العواقب      أصخت إليه و هو أخرس صامت  :: فحدثني ليل السرى بالعجائب  وقال : ألا كم كنت ملجأ قاتل ::  و موطن أوّاه تبتل تائبو كم مرّ بي من مدلج و مؤوب   ::   و قال بظلي من مطي و راكب4ـ إطلاق العنان للخيال ليرتاد عالم الفكر ، و يختار منه المعاني التي توحي بالحضارة و الطرافة      فتح العرب بلاد الأندلس في أواخر القرن الأول الهجري، و استوطنوها زهاء ثمانية قرون، استطاعوا خلالها أن ينشروا دينهم و لغتهم ،   و أن يقيموا فيها مجتمعا إسلاميا جديدا له سماته الخاصة و طابعه المميز.
     و كان العرب في مستهل الفتح قلة بالقياس إلى العناصر الأخرى ثم أخذت أعدادهــم تتكاثر و تنتشر في أنحاء شــبه الجزيرة الأندلسية بفعل الاستـــيطان    و التوالد بالمهاجرين العرب الذين أخذوا يرحلون إليها أفواجا تلو أفواج بعد الفتح الإسلامي.
   و في مستهل القرن الرابع الهجري أنشأ الخليفة عبد الرحمن الناصر جيشا من المماليك يوطد به سلطته، و كان هؤلاء المماليك من " الصقالبة " و هو اسم كانوا يطلقونه على أسرى الحرب من جميع البلاد الأوروبية ، و على من وقع في أيدي المسلمين من الرقيق، و بهذا أدخل الناصر على الأندلس عنصرا جديدا هو عنصر الصقالبة مقلدا في ذلك الخليفة المعتصم العباسي الذي أنشأ جيشا من الأتراك الذي يعتمد عليه لما تعب من العرب.
   قد يكون البعض سمع عن هذا النوع من الشعر وقد يكون البعض الآخر لا يعلم كينونيته ، اذا من أين جاءت هذه الموشحات؟؟ كيف تطورت ؟ وما أغراضها؟؟ )الموشح( فن شعري مستحدث، يختلف عن ضروب الشعر الغنائي العربي في أمور عدة ، وذلك بالتزامه بقواعد معينة في التقنية، وبخروجه غالبا على عروض الخليل ، وباستعماله اللغة الدارجة أو العجمية في خرجته، ثم باتصاله القوي بالغناء.
موشح أو موشحة أو توشيح، وتجمع على موشحات أو تواشيح من وشح بمعنى زين أو حسن أو رصع.1ـ لون الموشحات ، وقد صارت تكتب جميعا باللغة الفصحى .
أيها الساقي إليك المشتكى :: قد دعونا وإن لم تسمعِومن الموشح ما يدعى باسم المسمطات ، كأن يبدأ ببيت مصرع ثم يأتي بأربعة أقسام أو أقل كقول القائل:
غزالٌ هاج بي شجناً :: فبت مكابداً قرناإن الشباب حجة التصابي :: روائح الجنة في الشباب    ومنها ما لا وزن فيها، فكل موشحة مكونة من عناصرها الأساسية المعهودة، كمطلع الموشح وهو البيت الأول لها، وقد يكون من قسمين أو أكثر وهو القفل الأول ، ويليه باقي الأقفال المتفقة مع بعضها في وزنها وقوافيها وعدد أجزائها، ثم الغصن وهو كل قسم من أقسام المطلع والأقفال إذ تتساوى الأقفال مع المطلع في عدد الأغصان وترتيب قوافيها ، أما الدّور وهو البيت ، فقد يكون بسيطاً مؤلفاً من أجزاء مفردة ، كما في الموشحة :عَبِثَ الشوق بقلبي فاشتكى :: ألم الوجد فلبت أدمُعيأيها الناس فؤادي شَغِفأيها الشادن من علمكا :: بسهام اللحظ قتل السبعوقد يكون مركباً مؤلفاً من فقرتين أو أكثر، كما في هذه الأبيات لابن سناء الملك:
كذا يقتاد سَنَا الكوكب الوقّادأذابت الأشواق :: رُوحي على أجساد   ونظرة خاطفة على موشحة لسان الدين بن الخطيب في الغزل وذكر الطبيعة ومدح السلطان الغني بالله :
في ليالٍ كتمت سر الهوى :: بالدجى لولا شموس الغررمال نجم الكأس فيها وهوى :: مستقيم السير سعدَ الأثرِمولاي يا نكتة الزمان :: دار بما ترتضي الفلكنبذة تاريخية عن الموشحات:
أشهر الوشاحين :
معناه اللغوي :
    ثم تغيرت دلالة كلمة زَجَل، فأصبحت تعني اللعب والجلبة والصّياح، ومنها انتقلت إلى معنى: رفع الصوت المرنَّم. ومن هنا جاء إطلاق اسم زجل على صوت الحَمَام، ثم إطلاقه على الصوت البَشَري المُطرب. وقد يؤكد هذا الارتباط الدلالي بين كلمة زجل ومعني الصوت العالي المُنَغَّم أن كلمة زجَّالة ما زالت تُطلق ، في إحدى واحات مصر، على جماعة الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدُّوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية.مكان الزجل بين أشكال النظم الأخرى :   ومنذ بداياته الأولى، ظل الزجل فنا مدينيا في المقام الأول، وبقي محتلاًّ موضعه الوَسَطِيّ بين أشكال النظم العربية. وإن كانت وسطيَّته هذه تميل إلى جانب تراث الشعر الفصيح، وتبتعد عن مأثور الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري).
لو رَأيتْ كفْ كُنّ نَشياعوا :: بالعين وَمَ ندري أن روحي نشيعمن فظاعة ذا الصَبَر كنت نعْجب:: حتّى ريْتْ أنْ الفراق منّو أفظعْ
   ومنذ هذا الطور الأول في حياة الزجل، بقي قالب القصيدة رصيدًا دائمًا يعود إليه الزجالون، وإن مالوا، من بعد، إلى النظم في هيئات متجددة تتعدد فيها الوحدات، وتتفرع الأوزان، وتتنوع القوافي.
   وأبسط قوالب النظم في هذه الهيئات المتجددة ما يعتمد على وحدات رباعية. كما يتبين من النموذج التالي المنقول عن زجل لصفي الدين الحلِّي (750هـ)ذا الوُجُود قَدْ فاتَكْ وأنْتَ في العَدَم : ما كُفيت من جَهْلَكْ زَلَّة القَدَمقَدْ زَرعْتَ ذي العَتْبَة فاحْصـدُ النَّدَمْ :: أو تَريدْني الساعة ما بَقِيتُ أريدْالمطلـع : غصن أ غصن بالبيـت أ غصنأو أ غصنالدور أ غصنالقُفل: غصن أ غصن ب
   ولا تختلف هذه التقسيمات كثيرًا عن التقسيمات الفنية لأجزاء الموشحة. انظر:
  على هذا النحو، تنقلت محاور التركيز في أغراض الزجل وموضوعات منظوماته، إلى أن جاء العصر الحديث وأصبحت مواجهة الاستعمار والتغيير الاجتماعي هما شغل الأُمَّة الشاغل، أخذ الزجالون يشاركون في الحركة الوطنية. ولذا صارت القضايا الاجتماعية والسياسية من أهمّ المواضيع التي تعالجها المنظومات الزجلية.
   وفي كل الأحوال، فهذا الارتباط الوثيق بين المنظومات الزجلية ومشاغل ناظميها وجمهورهم الذي يتلقاها، قد وفّر للمنظومات الزجلية إمكانية واسعة لتجويد أساليبها وصقل طرق صياغتها؛ كما أتاح لأدواتها البلاغية وتصويرها البياني مزيدًا من الواقعية والقدرة على التشخيص والتجسيد، الأمر الذي يسَّر استخدام الزجل في أشكال التعبير الفني الحديثة.الزَّجَل في الأندلس: يعد الزجل والموشح من الفنون الشعرية التي ازدهرت في الأندلس لظروف خاصة بالبيئة الأندلسية ثم انتقلت بعد ذلك إلى المشرق.لقد مر الزجل بخمسة أطوار نوجزها في الآتي :
ب- زجل الشعراء المعربين:   وتميز من بين هؤلاء النفر الزجال أخطل بن نمارة، فقد أشاد ابن قزمان بحسن طبعه وحلاوة أزجاله في قوله: ¸ولم أر أسلس طبعًا وأخصب ربعًا من الشيخ أخطل بن نمارة فإنه نهج الطريق، وطرّق فأحسن التطريق.
   وقد ظهر هؤلاء المتقدمون من الزجالين المعربين في القرن الخامس الهجري خلال عصر ملوك الطوائف. ولما كانت بلاطات ملوك الطوائف أفسح صدرًا للشعراء وأكثر رعاية للشعر المعرب وتشجيعًا لأهله، لم تزدهر أزجال هذا الطور ومنيت بالكساد.   بلغ الزجل على يد ابن قزمان ذروة نضجه حين قعَّد له القواعد، وجعل من أزجاله تدريبًا عمليًا لكُتّاب الزجل اللاحقين. كما عالجت أزجاله مختلف الأغراض التي وردت في الموشحات وإن غلب عليها الكُدية والتسول والإغراق في اللهو والمجون، كما كان ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية .
   ويظل ابن قزمان على الرغم من مجونه واستهتاره أبرع زجالي الأندلس وإمامهم. فقد طبع الزجل بصورته الفنية في قالب عامية الأندلس التي تراوح بين العربية واللهجة الرومانسية (العامية اللاتينية)، يقول:
وتراه عندي من قديم مرفوع:: ليـس نرى به بديـلبالضـرورة إليه هو المرجـوع :: دَعِنْ عن قال وقـيلالشراب والغنا والجر في المـا في رياضًا عجيــبهــذا كل عـــلا هُ عنـــدي لوصـــال الحبيـــب

د- الطور الرابع :أشكال الزجل في الأندلس وأوزانه وسماته :   يتفق الزجل من حيث الشكل والتقسيمات الفنية مع الموشحة في المطالع والأغصان والأسماط والأقفال والأدوار والخرجات.
    وتكمن قيمة الزجل الحقيقية في صدق تعبيره عن واقع حياة الناس في الأندلس، في أزقة قرطبة وحواري إشبيلية، وفي شفافية نقله لحياتهم بخيرها وشرها، جدها وهزلها، أفراحها وأحزانها... وهذا ما أكسبه صفة الشعبية وجعل الناس أكثر تعلقًا به.نماذج من الزجل ، يقول ابن قزمان في وصـف الطبيعة:
الربيــع ينشـــــر عــلام مثـل ســــــلطانًا مـؤيـدوالثمـار تـنـثـــر حليــــه بثيــاب بحـــل زبرجــدوالريــاض تلبــس غلالا من نبـات فحــل زمــردوالبهــار مـع البـنـفسـج يا جمال أبيض في أزرق
ويقول في الغزل:
هجرن حبيبي هجر وأنا ليس لي بعد صبرليس حبيبي إلا ودود قطع لي قميص من صدودوخاط بنقض العهود وحبب إليّ السهركان الكستبان من شجون والإبر من سهام الجفونوكان المقص المتون والخيط القضا والقدر

راس محلــــــوق ونمـــــش مولــــهنطلب في السوق أو في دار مرفـــهحـــافي نرشـــق تقــول اعـطِّ اللّهخبـــزًا مطبـــوع ممن هـو مطبـــوعمطـبوع مطبــوع إي والله مطبــوع=============    تفيد المصادر التاريخية بأن الدوائر الثقافية في المشرق العربي تابعت إنجاز روّاد الزجل الأوّلين في الديار الأندلسية منذ ظهوره. ويبدو أن ظهور الزجل، بوصفه شكلاً من النَّظْم باللهجة الدارجة، لم يكن مُسْتغربًا بالنسبة للمشارقة. فقد كان لدى المشارقة أشكال أخرى من النظم باللهجات الدارجة. حيث كانت توجد أشكال من الشعر الشعبي (الجمعي ، الفولكلوري) باللهجة العامية، كما ولّدت دوائر الخاصة أشكالاً من النظم بلهجاتها الدارجة، كالمواليا، والقوما، وكان وكان، والحماق.    ومنذ ذلك الوقت، احتفى المشارقة بهذا الشكل الجديد وأخذوا يتوسعون في النظم به. ولا نكاد نصل إلى القرن السابع الهجري حتى نجد أن الزجل قد شاع بين أدباء مصر والشام والعراق، وكأنما كان على كل مشتغل بفن القول أن يُدلي بدلوه، ويثبت مهارته في النظم بالزجل. وتتتالى أسماء من ينظمون الزجل من الأدباء والشعراء منذ ذلك الحين، فنقرأ عن:
     ومن ثَمَّ صار نظم الزجل أمرًا مقبولاً في البيئة الثقافية، وأصبح فقرة مرغوبًا فيها في مجالس الأدب. وهكذا انضم الزجالون إلى البلاط الأدبي لأمراء وسلاطين العصر المملوكي في مصر والشام، حتّى صار من الزجالين مَن تولىّ الوزارة، مثل: محمد بن سليم المصري (ت 707هـ) وابن مكانس القبطي (794هـ )الزجل في مصر:     يُجمع دارسو الأدب العربي ومؤرخوه على أن الديار المصرية هي التي هيّأت للزجل موئلا كفل له الاستقرار والاستمرار. ففي مصر، اتسعت حركة الزجل وتنوّعت مجالات النظم به. وفيها عكف ناظمو الزجل على تجويده وتنمية قوالبه وأساليبه الفنية. وفيها ظهر من ناظمي الزجل مَن انقطع لتأليف الأزجال وأصبح مختصًّا به ومتفرغًا له. ومن أوائل الزجالين الذين اشتهروا بذلك: إبراهيم الحائك المعمار (ت 749هـ) ثم أبوعبد الله الغباري (ت 762هـ )
تاريخ الزجل ونقده :    والفاحص للمؤلفات العربية التي وصلتنا منذ القرن السادس الهجري، وخاصة المؤلفات التي عنيت بالحركة الأدبية والفنية، يجد مادة تاريخية مفيدة حول الزجل والزجالين. ومع أن تجميع هذه المادة وضمها يساعدنا في تكوين تصوّر عن ظهور الزجل ونموّه، إلا أنها تظل في حدود الإشارات غير الوافية.    أما في العصر الحديث، فقد كان لانتشار الزجل وصلته بالحركة الوطنية أثرهما في تنامي الكتابة النقدية حول الزجل. فظهرت مقالات تعريفية في الصحف والمجلات وفي مقدمات دواوين الزجالين. ثم خُصّ بعض الزجالين المتميزين بمقالات نقدية تبيّن دور أزجالهم ووسائلها البلاغية. ثم تصبح الكتابات النقدية حول الزجل أكثر تعمقا في الدوريات المتخصصة وبعض الأطروحات الجامعية، وخاصة أنه قد أسهم في الجدل حول الزجل ما أثاره الباحثون الأجانب من آراء ونظريات.
الزجل في العصر الحديث :   وبنهاية القرن الثالث عشر الهجري، تتابعت سلسلة من أسماء الرواد الثقافيين الذين طوعوا الزجل في اتجاهات متنوّعة. ومن أعلام هذه السلسلة المتواصلة: عبدالله النديم، ويعقوب صنّوع، ومحمد عثمان جلال. أما خير ممثل لتمام النقلة النوعية التي انتقلها الزجل فهو محمود بيرم التونسي (ت1380هـ). انظر: التونسي، محمود بيرم. وهو الذي أعلى من مكانة الزجل في الحياة الثقافية، وأكسبه قدرات فنية مكّنته من الامتداد إلى آفاق جديدة. وعلى يديه تكاملت الجهود في جعل الزجل أداة درامية مقبولة في الوسائط المستحدثة: في المسرح الغنائي أو في حلقات الإذاعة المسموعة والمرئية.
    وفي سياق حركة الزجل الناشطة هذه، استفاد الزجل من الإمكانات المتجددة للطباعة والنشر واتساع قاعدة القارئين. فتوالى نشر دواوين الزجالين، وعنيت بعض الصحف بنشر الأزجال، وصدرت بعض الدوريات التي تعتمد على المادة الزجلية في المقام الأول.
    غير أن اسم الزجل لم يحظ بالذيوع والتكرار إلا على أيدي الكُتَّاب والإعلاميين في لبنان، وخاصة في ثمانينيات القرن الرابع عشر الهجري. وهم لا يستعملون الاسم ليدل على المصطلح المحدد بشكل من النظم بعينه، وإنما استعملوه لكي يشير إلى كل نظم باللهجات اللبنانية المحلية. وهكذا انطوى تحت هذا الاسم: العتابا والميجنا واليادي يادي والروزانا والموال، بل والأشكال الفولكلورية كهدهدة الأطفال وأغاني العمل، وأيضًا الشعر الحديث الذي ينظمه المثقفون بالعامية، فاعتُبر إنتاج شعراء مثل ميشال طراد وأسعد سابا من الإنتاج الزجلي. وإمعانًا في تأصيل خصوصية الزجل اللبنانية قيل: "إن الزجل سرياني اللحن في أول عهده، وعربيُّه فيما بعد".
     ومثل هذا الحماس والتوسّع والأقوال المرسلة، وإن كانت مظهرًا من مظاهر الاهتمام بالزجل، إلا أنها كانت مثارًا للخلط واضطراب المفاهيم، الأمر الذي آذن بتراجع الزجل ووقوفه الآن موقف الدفاع في مواجهة مؤثرات الحياة الثقافية العربية الحالية، وإن بدا بعضها متناقضًا. ويبرز أهمها، بالنسبة للزجل، في المؤثرات التالية:
2ـ الرسائل الأدبية : كانت الرسائل الأدبية في عصر الولاة وبداية الحكم الأموي محددة الأغراض , لا تتعدى القدر الذي تدعو إليه ضروريات الحياة كالمكاتبات الرسمية والعهود ( وتسمى الرسائل السلطانية أو الديوانية أو الإنشائية ) ، والرسائل الإخوانية ، والرسائل الأدبية الخالصة ، وتسمى كل هذه الأنواع بالرسائل الأدبية  .
   وكان أسلوبها يتسم بالوضوح والبعد عن التكلف والصناعة اللفظية ، ثم هبت رياح الصناعة اللفظية والتكلف من الشرق على الأندلس , فوجد من كتاب الأندلس من قلد ابن العميد والصاحب بن عباد والقاضي الفاضل وغيرهم .
  وكان الخلفاء يختارون كبار الأدباء لكتابتها , ولأنها تتعلق بالأمور الرسمية , فإن الخيال والإبداع الأدبي فيها محدود سهولة الألفاظ وسلاستها, والبعد عن التعقيد والغموض, وذلك ناتج عن بساطة الأندلسيين وبعدهم عن التعقيد في كل شيء. ويستثنى من ذلك شعر ابن هانيء وابن دارج, فهما يقربان من شعر المشارقة من حيث الجزالة والقوة فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا      فساءك العيد في أغمات مأسورا  ترى بناتك في الأطمار جائعـــــــة      يغزلن للناس مـا يملكـن قطميـرا  برزن نحوك للتسليم خاشـــــعة    أبصـــارهن حسيـرات مكاسيـرا  يطأن في الطين والأقدام حافــــــــية       كأنــــها لم تطـأ مسكـاً و كافـورا  لا خدّ إلا ويشكو الجدب ظاهـــره      وقـــبل كان بماء الورد مغمورا  لكـــــنه بســــــيـول الحـزن مُختـرقٌ      وليس إلا مع الأنفاس ممطـورا  أفطرت في العيد لا عادت مساءتـه     فكـان فطــــرك للأكبـاد تفطيـرا  قد كان دهرك إن تأمره ممتثـلاً          فـردك الدهـر منهيـاً ومأمـورا  من عاش بعدك في عزٍّ  يُسَـرُّ بـه                  فإنمـا بـات    بالأيـــام   مغـرورا ديوانه :
x
x


و مع تعدد الاتجاهات في شعر الطبيعة الأندلسي ، فإن هناك سمات و خصائص عامة تجمع بينها ثم ينفرد كل اتجاه بعد ذلك بسمات خاصة تقتضيها طبيعته .
2 ـ تشخيص الأمور المعنوية و تجسيمها ، و ذلك بإبرازها في صورة شخوص وكائنات حيّة ، يصدر عنها كل ما يصدر عن الكائنات الحية من حركات وأعمال،
    فالجبل هو جماد قد تحول بالتوسع الذي هيأته الاستعارة إلى إنسان حي ناطق يروي ما مر به من تجارب.
3ـ الاستعانة في رسم و تلوين الصور المستوحاة من الطبيعة ببعض فنون البديع المعنوي و اللفظي من مثل الطباق و المقابلة و المبالغة، وحسن التعليل ، والجناس ، وهذه قليلة في صور متقدمي شعرائهم ، كثيرة في صور متأخريهم.
5ـ التصرف في أرق فنون القول واختيار الألفاظ التي هي مادة لتصوير الطبيعة وإبداعها في جمل وعبارات تخرج بطبيعتها وكأنها التوقيع الموسيقي.
6ـ تصوير شعرهم لطبيعة الأندلس الحية ، و طبيعته الصامتة ، و طبيعته الصناعية الناشئة من استبحار الحضارة و العمران
7ـ قلما يأتي شعر الطبيعة عندهم كغرض قائم بذاته، اللهم إلاّ في القطع القصار وعلى هذا فأكثره يأتي ممتزجا بأغراض أخرى كالغزل و المدح والخمر


=============
(9)
( التركيبة البشرية للمجتمع الأندلسي )

     و لما كانت الحياة العقلية لأي أمة هي وليدة مجتمعها بكلّ ما يمثله من بيئة طبيعية شعب و نظم تحكم حياته و سلوكه و ضروب النشاط الإنساني التي يضطلع بها ، فسوف نحاول هنا التعرف بإيجاز إلى مكونات المجتمع الأندلسي تلك التي تضافرت على صنع حياته الفكرية من علمية و أدبية.
     و نبدأ أولا بالكلام عن عناصر الشعب الأندلسي ، و العناصر التي سادت الأندلس خمسة: العرب ، و البربر، و الموالي، والقوط ، والصقالبة .
1ـ العر ب:
     فالعرب كانوا يحسون إحساسا قويا بنوع من الأرستقراطية نابع من غلبتهم على الأسبان و لبربر و إدخالهم في الإسلام و كذلك من لغتهم التي تفوق غيرها ، و لعل شعور التعالي هذا من قبل العرب ، هو ما كان يولد ثورة البربر عليهم أحيانا.
2ـ البربر:
و هم يشاركون العرب في البداوة و الإسلام و الشجاعة و العصبية القبلية ،       و كانوا في أوّل أمرهم أكثر عددا و قوة من العرب و كان تيار هجرتهم متصلا بحكم الجوار.
    و قد تأثرت جماعات البربر المستقرة في الأندلس بالبيئة الجديدة تأثرا عظيما، و لم يكد الجيل الأول منهم ينقضي حتى طلع الجيل الثاني أندلسيا قد نســي أصله و اتخذ الأندلس وطنا .
    و من الناحية العقلية كانوا يجتهدون في التعرب : يتعلمون العربية ، و يقبل من له ميل منهم على دراسة الإسلام و التفقه فيه ، و من الناحية المعاشية ارتبطوا بجيرانهم من أهل البلاد عن طريق المصاهرة ، و منهم من اتخذ لهم اسما عربيا زيادة في التعرب.
    و كانوا أســـــرع اندماجا من العرب في البيئة الجديدة ، فــقد حال بين العرب      و بين الاندماج السريع الكامل لغتهم و اعتزازهم بعصبيتهم العربية، أما البربر فلم يكن هناك ما يحول بينهم و بين الاندماج ، فلا   عصبية و لا لغة مكتوبة ، و مع الزمن أصبحت غالبيتهم في جملة العرب الأندلسيين ، و كان لهم أعظم الأثر في بناء الأندلس الإسلامي.
3ـ الموالي:
    و هم مولى بني أمية ، و هؤلاء يمثلون ثلاث طوائف : من دخلوا الأندلس إبان الفتح ، و من دخلوا في ولاء البيت الأموي من أهل البلاد و قد كان لهؤلاء الموالي اليد الطولى في إقامة دولة عبد الرحمن الداخل.
    هذه العناصر الثلاثة هي التي دخلت الأندلس مع الإسلام أو بالإسلام و وضعت أساس إسلام الأندلس و عروبته ، أما الجزء الأكبر من عناصر سكان الأندلس ، فهم : المولدون، و أهل الذمة من نصارى و يهود ( القوط والصقالبة ) .


4ـ المولدون:
   و هم العنصر الناشئ من تزاوج العرب بالبر ، أو العرب بالإسبانيات            و الصقالبة ، و قد خرج من هذا الزواج بين عربي و بربرية ، أو عربي           و إسبانية جيل جديد مولد يشبه ما كان في الشرق من تزاوج بين عربي و فارسية، و ظل اسم المولدين يطلق على هذا العنصر حتى نهاية القرن الثالث الهجري ، ثم تلاشت هذه التسمية بسبب اختلاط الناس ، و تحول أحوال الدولة الإسلامية في الأندلس إلى أندلسيين دون تمييز ،  و من صفات المولدين من النساء الأسبانيات : الشجاعة   و الذكاء و الجمال و كان لهم في الأندلس تاريخ طويل.
    و قد حبب العرب في هذا الزواج ما عرف عن الأسبانيات و البربريات من جمال  و بياض بشرة  و اصفرار شعر و زرقة عيون و هي صفات يحبها العربي لأنها جديدة عليه.
يضاف إليهم أهل الذمة
    و هم الأسبان الذين بقوا على مسيحيتهم و لم يدخلوا في الإسلام هؤلاء كانوا يرون أن البربر و العرب دخلاء عليهم، و أنهم أحق بملك بلادهم ، و يندرج مع هذا العنصر الإسباني المسيحي يهود البلاد من حيث معاملة المسلمين لهم ، فقد ضمن المسلمون لهذين العنصرين حريتهم و أدخلوهم في ذمتهم ، مقابل الجزية  و الخراج على ما تقضي به الشريعة الإسلامية.

     و هكذا امتزجت كل هذه العناصر و الأجناس بعضها ببعض امتزاجا تسرب في عقولهم كما تسرب في دمائهم، و كانت لهم نزعة عقلية جديدة ساعد على تكوينها بالإضافة إلى عملية الامتزاج ، بيئة طبيعية غنية ، حافلة بشتى المناظر و صور الجمال ، و كان من أثر ذلك كله أن أصبحت لهم مميزات عقلية خاصة و صفات لم تكن لغيرهم من العرب الخلص  .

=================

( الوحدة الأولى )
الفنون الشعرية المستحدثة في الأندلس
أ‌- الموشحات  : وهو فن شعري مستحدث ، استحدثه أهل الأندلس بداية ً للغناء ، وكتبوا فيه بداية ً في غرض الغزل ، ثم كتبت الموشحة فيما بعد في الأغراض الأخرى ، وهو فن يقوم على تعدد المقاطع وهو خروج عن المألوف ، ثم انتقـــلت الموشحة إلى بلاد المغرب والمشرق ، فالموشحة ، أخذها أهل المشرق من أهل المغرب ، ولغة الموشحة لغة عربية فصحى  .
س : من أول من ابتدع الموشحات ؟
 زعموا أن أول من ابتدعها هو عبادة بن ماء السماء وأن الذي جودها هارون الرمادي ، وكلاهما من شعراء الأندلس   .
2ـ  الزجل : وهو فن شعري مستحدث ، استحدثه أهل الأندلس بداية ً للغناء ، وكتبوا فيه بداية ً في غرض الغزل ، ثم كتبت قصيدة الزجل في الأغراض الأخرى ، والزجل يقوم على اللغة الدارجة ، وقد يمزجون فيه أحيانا بعض الألفاظ الأجنبية من باب الاستطراف ، وفن الزجل يكتب على شكل القصيدة العامودية ، كما يكتب على شكل الموشحة ، وهو بداية كتابة الشعر الشعبي المنتشر اليوم في كل أرجاء الوطن العربي   .
============
1ـ فن الموشحات


    وعرفه ابن سناء الملك فيقول: "الموشح كلام منظوم على وزن مخصوص".
    تعريف الموشح : هو فن شعري مستحدث يختلف عن ضروب الشعر الغنائي العربي في أمور عدة و ذلك لالتزامه بقواعد معينة في التقنية و بخروجه غالبا على الاعاريض الخليلية و باستعمال اللغة الدارجة أو العجمية في خرجته. و الموشح كلام منظوم على وزن مخصوص بعض شعراء الموشحات أبو حسن علي الضرير المعروف بالحصري و له قصائد عديدة من بينها ( يا ليل الصب ) و قد كان من شعراء المعتمد بن عباد و مات في طنجة .
مخترع الموشحات:
   وقد كان مخترع الموشحات في الأندلس شاعرا من شعراء فترة الأمير عبد الله اسمه مقدم بن معافى القبرى . وقد جاء في بعض نسخ كتاب الذخيرة لابن بسام أن مخترع الموشحات اسمه محمد بن محمود . والمرجح أن مخترع هذا النوع الشعري هو مقدم بن معافر ، وعلى ذلك أكثر الباحثين . على أن بسام لم يجزم حين ذكر هذا الأخير، و إنما قال: (( و أول من صنع هذه الموشحات بأفقنا واخترع طريقتها - فيما يلقى- محمد بن محمود القبرى الضرير)). ولعل كون الشاعرين من قبرة جعل ابن بسام يضع اسما محل اسم ، فكأنه قد بلغه أن الشاعر القبرى فلانا قد اخترع الموشحات ، فذكر محمد بن محمود ونسى اسم مقدم. وقد وردت هذه الموشحة منسوبة إلى هذا الأندلسي في كثير من المصادر الموثوق بها مثل جيش التوشيح لابن الخطيب . و قد قال نقر من الكتاب أن مخترع الموشحات هو باسل الفوزان.
تطور الموشحات:
    وقد كانت فترة نشأة الموشحات، كفترة نشأة أي فن، من حيث مشاهدتها لأولى المحاولات التي غالبا ما يعفى عليها الزمن. ومن هنا ولبعد الزمن بتلك الفترة، لم تبق لنا من هذه الموشحات الأولى التي نظمها مقدم و أمثاله أي نماذج. ولكننا نستطيع أن نتصورها موشحات بسيطة التركيب قليلة التعقيد، تتخذ مجالها من الموضوعات الغنائية كالخمر والطبيعة والغزل، وتكتب كلها باللغة العربية، ما عدا الخرجة ، التي تكتب باللغة الأندلسية الشعبية.
      كما كانت ترضى بقالبها ولغتها و أغراضها حاجة الأندلسيين حينئذ، وتعكس اختلاط عنصريهما وامتزاج لغتيهما، وشيوع الغناء والموسيقى بينهم. وقد تطورت الموشحات تطورا بعد فترة من نشأتها تطورات عديدة ، وكان من أهمها تطور أصابها في القرن الخامس الهجري، أيام ملوك الطوائف. ثم تطور آخر بعد ذلك بقليل فرع عنها ما يسمى بالزجل، حتى أصبح هذا الاتجاه الشعبي ممثلا في لونين
2ـ لون الأزجال وقد صارت تكتب جميعا باللغة العامية. وانتقل هذان اللونان من الأندلس إلى المشرق ، فكثر فيه الوشاحون والزجالون.
    وعرفهما كذلك الأدب الأوروبي، فتأثر بهما شعراء جنوب فرنسا المسمون (التروبادور)، كما تأثر بهما كثيرون من الشعراء الأسبان الغنائيين. وانتقل التأثير إلى الشعر الإيطالي ممثلا في عدة أنواع، مثل النوع الديني المسمى(لاودس) والنوع الغنائي المسمى (بالآتا )
خصائص الموشحات:
    بالإضافة إلى الجمع بين الفصحى والعامية تميزت الموشحات بتحرير الوزن والقافية وتوشيح ، أى ترصيع ، أبياتها بفنون صناعة النظم المختلفة من تقابل وتناظر واستعراض أوزان وقوافى جديدة تكسر ملل القصائد ، وتبع ذلك أن تلحينها جاء أيضا مغايرا لتلحين القصيدة ، فاللحن ينطوى على تغيرات الهدف منها الإكثار من التشكيل والتلوين ، ويمكن تلحين الموشح على أى وزن موسيقى لكن عرفت لها موازين خاصة غير معتادة في القصائد وأشكال الغناء الأخرى.
أغراض شعر الموشحات :
    الغزل هو الشائع بين أغراض شعر الموشح ، لكن هناك أغراض أخرى تعرض لها من بينها الوصف والمدح والذكريات.


تكوين الموشحات:
   يضم الموشح عادة ثلاثة أقسام ، دورين وخانة كل منها بلحن مختلف والختام بالخانة الأخيرة غالباً ما يكون قمة اللحن من حيث الاتساع والتنويع مثلما في موشح ( لما بدا يتثنى ) وموشح ( ملا الكاسات) ، وقد لا تختلف الخانة الأخيرة ويظل اللحن نفسه في جميع مقاطعه كما في موشح ( يا شادى الألحان ) ، وقد تتعدد أجزاء الموشح لتضم أكثر من مقطع لكل منها شكل وترتيب وتتخذ تسميات مثل المذهب ، الغصن ، البيت ، البدن ، القفل ، الخرجة.
   وألف في الموشحات ابن عبد ربه الأندلسي صاحب كتاب (( العقد الفريد)) لكنهما لم برعا في هذا الفن كما برع المتأخرون عنهم وأول من برع في الموشحات عبادة القزاز جاء من بعده فلاح الوشاح (( في زمن ملوك الطوائف )) وفي عهد الملثمين برع الأعمى التطيلي ، ويحيى بن بقي ، و أبو بكر بن باجة وفي عهد الموحدين برز محمد بن أبي الفضل بن شرف وأبو الحكم أحمد بن هر دوس وابن مؤهل وأبو إسحاق الزويلي ، أما المع الأسماء في سماء التوشيح أبو بكر بن زهر وأبو الحسن سهل بن مالك الغرناطي ثم جاء من بعدهم ابن حزمون المرسى وأبو الحسن بن فضل الاشبيلي ، وأما رئاسة فن التوشيح فهي لأبي عبد الله ابن الخطيب صاحب الموشحة الشهيرة (( جادك الغيث )) توفى أبو عبد الله سنة 1374 م ، شاعر الأندلس والمغرب تولى الوزارة بغرناطة وعرف بذي الوزارتين (( الأدب والسيف)) وتعتبر موشحة ابن الخطيب من أشهر الموشحات وأغناها بالفكرة والصورة والإحساس والتلوين الكلامي ، ويتكون أغلب الموشح من القفل والبيت ، فمنه ما جاء على أوزان العرب كالمخمسات ، فيؤتى بخمسة أقسام من وزن وقافية ، ثم بخمسة أخرى من وزن وقافية أخرى ، كقول ابن زهر في بحر الرمل:



عميد القلب مرتهنا :: بذكر الحب والطّربِ
وهناك أيضا المزدوجات من ذوات القافية المزدوجة في كل بيت، كقول أبي العتاهية :
حسبك ما تبتغيه القوت :: ما أكثر القوت لمن يموت


وهو في بَغيِ الهوى لا يُنصِف
كم أداريه ودمعي يكُف


إلى الجلاس مشعشعة الأكواس
أقم عذري فقد آن أن أعكف
على خمر يطوف بها أوطف
كما تدري هشيم الحشا مُخطَف
   وآخر قفل في الموشحة يدعى الخرجة ، فقد تكون عامية أو معربة أو أعجمية، وهكذا فإننا لا نجد في معاني الموشحات جِدّةً وعمقاً، فتبدو الموشحة كغادةٍ بالغت في الزينة واستعمال المساحيق فخسرت الكثير من جمالها ولكنها على الرغم من ذلك قد استطاعت أن تحافظ على رشاقتها ومشيتها المرقصة، ولَمّا كانت الموشحات قد اخترعت في سبيل الغناء كان من الطبيعي أن تنظم في الأغراض التي تناسب هذا الفن كالغزل ووصف الطبيعة،إلا أنها رغم ذلك خاضت ما تبقى من أنواع الشعر كالمدح والرثاء والهجو والمجون والزهد، ونظرا لطبيعة الأندلس المذهلة الأخاذة، كان كثير من الشعراء ينجحون في وصف الطبيعة، ووقع اختياري على موشح محمد بن عيسى اللخمي، المشهور بابن لبانة يقول  :
في نرجس الأحداق :: وسوسن الأجياد
نبت الهوى مغروس :: بين القنا المياد
وفي نقا الكافور :: والمَندلِ الرطب
والهودج المزرور  ::  بالوشى والعَصبِ
قُضبٌ من البِلّور :: حُمين بالقُضبِ
نادى بها المهجور :: من شدة الحُبِّ

أعارها الطاووس :: من ريشه أَبراد


   باعتبار الموشحات فتحا جديدا في الأدب العربي فهي تغيير عن نمطٍ واحدٍ من أنماط الشعر، ولا يجب أن نطلب منها أن تكون غذاء الذهن والفكر، بل يكفينا ما تخلقه في نفوسنا من لذةٍ محببة ، وهذا مقطع لابن زمرك في ذكر الصبوح ومدح سلطانه ابن الأحمر:

جلَّلتَ باليُمن والأمان :: كلّ مليكٍ وما مَلَك
لم يدرِ وصفي ولا :: عيان أملِكٌ أنت أم مَلَك؟

   أجمع مؤرخو الشعر العربي على أن فن الموشحات فن أندلسي خالص ، عرف به أبناء الأندلس ومنهم انتقل متأخراً إلى المشرق ، وهو من أروع ما خلف الأندلسيون من تراث أدبي  .
سبب تسميتها :
    وقد سمي هذا الفن بالموشح لما فيه من ترصيع وتزيين وتناظر وصنعة فكأنهم شبهوه بوشاح المرأة المرصع باللؤلؤ والجوهر .
بناء الموشح : تختلف الموشحات عن القصائد العربية من حيث البناء ويتألف الموشح من أجزاء مختلفة يكوّن مجموعها بناء الموشح الكامل ، وقد اصطلح النقاد على تسمية هذه الأجزاء بمصطلحات ، وهذه الأجزاء هي  :
1ـ المطلع 2- القفل 3- الدور 4- السمط 5- الغصن 6- البيت 7- الخرجة .
   ومن أراد التوسع في معرفة تلك الأجزاء فعليه بمطالعة نماذج من الموشحات ليتكون له كأمثلة تطبيقية ، على نحو موشحة( لسان الدين بن الخطيب ) التي يقول في مطلعها :
جادك الغيث إذا الغيث همى :: يــازمــان الـوصل بالأندلـس
لــم يـكـن وصلك إلا حـلـمــا في الكرى أوخلسة المختلس

من أشهر الوشاحين الأندلسيين : ( عبادة بن ماء السماء ، عبادة القزاز ، ابن بقي الأعمى التطيلي ، لسان الدين بن الخطيب ، ابن زمرك ابن سناء الملك ، شهاب الدين العزازي ، ابن باجة ابن سهل ، ،ابن زهر ، محيي الدين بن العربي أبو الحسن المريني  )

======================
2ـ فن الزجل الأندلسي
   الزجل فن من فنون الشعر العامِّي، نشأ وازدهر في الأندلس، ثم انتقل إلى المشرق العربي على خلافٍ في ذلك بين مؤرخي الأدب.

    تفيدنا معرفة المعنى اللغوي لكلمة زجل في إدراك السبب في اختيار الكلمة اسما لفن الزجل. فالأصل الحسي لكلمة زَجَل يفيد أنها كانت تعني: درجة معيّنة من درجات شدة الصوت، وهي الدرجة الجهيرة ذات الجلبة والأصداء. وبهذه الدلالة، كان يُقال للسحاب: سحاب زَجِل، إذا كان فيه الرعد. كما قيل لصوت الأحجار والحديد والجماد أيضًا زجل.


معناه الاصطلاحي :
غدت كلمة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مُصطلحًا يدل على شكل من أشكال النظم العربي، أداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسًا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها مع الأداء الصوتي للهجات منظوماته. ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزَّجلية، غير أنه يُلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه كل من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزَّجلية الواحدة.
   وقد صنَّف القدماء الزجل، مع المواليا والقوما والكان كان ضمن ماسمَّوه الفنون الشعرية الملحونة أو الفنون الشعرية غير المُعْرَبة. ويقصدون بهذا الاسم: أشكال النظم العربية التي ظهرت في العصر الأدبي الوسيط، والتي لم يلتزم ناظموها باللغة الفصحى المعيارية، وخاصة بالنسبة لقواعد الإعراب. واعتماد ذلك التصنيف على هذا الفارق اللغوي يدلّ على إدراك نافذ.
    فالواقع أن هذه الأشكال غير المُعْرَبة ظلت على صلة وثيقة بالأشكال المُعْرَبة، وتتبنى تقاليدها الفنية، رغم فارق مستوى الأداء اللغوي. بل إن لغة الزجل، مثلاً، وإن كانت غير مُعْرَبة، كانت تقترب من الفصحى بقدر كبير. فلـُغة المنظومات الزَّجلية كانت لهجة دارجة خاصة بالزجالين، بوصفهم أفرادًا يلتحقون بالدوائر الأدبية السائدة، وتتحد أطرهم المرجعية في داخل نوع الثقافة العربية التي تُقرُّها هذه الدوائر.
    وقد ظل هذا الفارق في مستوى الأداء اللغوي أحد مقوّمات تمايز الزجل عن الشعر الفصيح، كما كان في الوقت نفسه أحد مقوّمات تمايز الزجل عن أشكال الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري) وعن حركة شعر العامية واختلافه معها.

     اتخذ الزجالون من الزجل شكلاً للتعبير استجابة لحاجة لغوية، وتحقيقًا لوظيفة فنيّة، لم تكن الأشكال الأخرى تفي بهما. فقد انحصر كل من القصيدة التقليدية والموشح، بلغتهما ومواضعاتهما، في دائرة مُحدَّدة رسميًا وفئويًا. بينما استبعدت أشكال الشعر الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري)، الموجودة بالفعل. في الوقت الذي كانت قد تكوّنت فيه شريحة اجتماعية جديدة من أبناء البيوتات العربية في الحواضر والمدن. وكانت هذه الشريحة قد تقلّبت بها صروف الحياة ومطالب العيش في أسواق هذه المدن، ولكنها في توجهاتها ومطامحها تسعى للالتحاق بالدائرة الحاكمة مستجيبة لمعاييرها الاجتماعية والثقافية. ومن هنا، سعى مثـقّـفُو هذه الشريحة الجديدة للتعبير عن أنفسهم في شكل جديد وسيط، يتناسب مع وضعهم الاجتماعي والثقافي الوسيط. وكان على هذا الشكل المُوَلَّد أن يعتمد أداة له: لهجة مُوَلَّدة تَدْرُج بين هذه الفئة من المثقفين، وأن يتخذ من ذائقتها ومعاييرها الفنية ضابطًا. وكان هذا الشكل المُوَلّد هو الزجل.

    وعلى أساس موضوعه الوَسَطِيّ هذا، تحددت وظائفه وخصائصه، كما تحدد مسار الظواهر التي رافقت نموه عبر تاريخه الطويل. وإدراكنا لهذا الموضع الخاص بالزجل يُمكننا من حُسن فهم خصوصياته، ويزيل كثيرًاً من الالتباسات التي أحاطت به ، سواء ما أثاره القدماء أو ما أحدثه المحدثون.
هيكل المنظومة الزجلية:
    تشير المصادر القديمة إلى أن الزجالين، في المرحلة الأولى من ظهور الزجل، كانوا ينظمون الأزجال في هيئة القصيدة العربية المعهودة، ذات الأبيات المُفردة والقافية الواحدة والوزن الواحد. وهي بذلك كانت تشبه القريض، لا تختلف عنه بغير عدم التزام الإعراب وباستخدام لهجة ناظميها الدارجة. وكانت تلك المنظومات تُسمَّى القصائد الزجلية.
   وقد يُمثل هذا القالب قصيدة مدغليس، الذي كان واحدًا ممن ثبتوا فن الزجل من معاصري ابن قزمان (ت554هـ).ومطلعها
مَـضَ عــنّي مَـن نحـــــبُّو ووَدَّعْ :: و لهيب الشُوق في قَلبي قد أودَعْ 




    ثم تتدرج قوالب النظم من حيث كثرة عدد أقسام المنظومة، وعدد أشطار وحداتها، ومن حيث التنوّع في التقسيم الموسيقي لعناصرها، بحيث يصل تركيب قالب المنظومة فيما سُمي الحِمْل، مثلاً، إلى الصورة التالية:
  للحمل مطلع ذو بيتين . وبعد المطلع تتالي الأدوار، وهي اثنا عشر دورًا في الغالب. والدور خمسة أبيات أو أربعة. فإذا كانت الأدوار من ذات الخمسة أبيات فتأتي الثلاثة الأولى على قافية واحدة والاثنان الأخيران على قافية المطلع، وإلا كانت كلها على قافية واحدة.
    وكما كثُرت قوالب النظم، كَثُرت مصطلحاته وتسميات تفريعاته وعناصره بما تطول متابعته. ولكنا نكتفي بإيراد المخطط التالي لإيضاح هيئة وحدة زجلية وتسميات أجزائها.


الجزء الخاص بالموشحات في هذا الملخص.
    أما في العصر الحديث، فقد مال الزجالون إلى النظم في القوالب البسيطة، وابتعدوا عن التعقيد وتشقيق الأجزاء، ولهذا تتخذ منظوماتهم إما هيئة القصيدة، وإما تلك المعتمدة على الوحدات الرباعية وأضرابها.

أغراض الزجل:
    منذ أن استقر الزجل شكلاً من النظم مُعْترفًا به، ومنظوماته تعالج مختلف الأغراض التي طرقتها القصيدة العربية التقليدية، كالمدح والهجاء والغزل والوصف. وقد استمرت تلك الأغراض قائمة يتناولها الزجالون على توالي العهود والعصور حتى اليوم، غير أن للزجالين، في كل عهد معين وبيئة محددة، مجالات يرتبطون بها. ومن ثم كان مركز اهتمامهم ينتقل من أغراض بعينها، تلقى قبولاً في هذا المجال أو ذاك، إلى أغراض أخرى، تختلف باختلاف العهود والبيئات الثقافية التي ينتمون إليها.
  
 ومن ذلك ما نقرؤه في أزجال زجّالي أندلس القرن السادس الهجري، وزجالي العصر المملوكي في القرن الثامن، مثلا، من انشغال بالعشق والشراب، ووصف الرياض ومجالس الصحاب؛ نتيجة لالتفاف زجالي هذين العهدين حول دوائر الخاصة والتحاقهم بمجالسهم التي كان مدارها الغناء والتنافس في إظهار المهارة والتأنُّق والتَّظرُّف.
    وعندما أصبح للصوفية وجودها في الحياة الاجتماعية، وأصبح من أهل التصوف مَن ينظم الزجل، غدا الزجل مليئًا بالمواعظ والحكم ووصف أحوال الصوفي.



أطوار الزجل :
أ‌-      مرحلة ما قبل ابن قُزمان :
ان الزجل في هذه المرحلة هو شعر العامة وأقرب ما يكون للأغنية الشعبية التي تشيع على ألسنة الناس وتكون جهد جنود مجهولين. ونرجح أن الفئة المثقفة في هذه المرحلة كانت أكثر عناية بالقصائد والموشحات بينما كانت الطبقة العامة أكثر شغفًا بالأغنية الشعبية والزجل العامي. ولعل هذه المرحلة كانت في أواخر القرن الثالث الهجري.

    هو الطور الثاني من أطوار الزجل ويمثله نفر من الشعراء الذين كانوا يكتبون القصيدة أو الموشح قبل عصر ابن قزمان ثم اتجهوا لكتابة الزجل عندما رأوا رواج هذا اللون من الشعر عند العامة وهو أمر يشبه ما نراه اليوم حين يكتب بعض شعراء الفصحى أزجالاً عامية للغناء. ولعل هؤلاء النفر من الشعراء المعربين هم الذين عناهم ابن قزمان حين عاب على أزجالهم وقوع الإعراب فيها فسخر منهم في قوله : )يأتون بمعان باردة وأغراض شاردة وهو أقبح ما يكون في الزجل وأثقل من إقبال الأجل (



جـ- ازدهار الزجل :
   يمثل هذا الطور زجالو القرن السادس الهجري وهو نهاية عصر ملوك الطوائف وبداية عصر المرابطين. وقد ازدهر الزجل في هذا الطور بتشجيع الحكام الذين كان حسهم باللغة العربية لا يبلغ حس سابقيهم من ملوك الطوائف. ومن ثم لم تلق القصائد والموشحات الرعاية السابقة التي كانت تحظى بها في بلاطات ملوك الطوائف. ويُعد ابن قزمان إمام الزجل في هذا العصر بل وفي الأندلس قاطبة. واسمه أبو بكر محمد ابن عيسى بن عبد الملك بن قزمان (480-525هـ، 1087-1130م) عاش في عصر المرابطين، وتوفي في صدر الدولة الموحدية ، نشأ في قرطبة نشأة علمية أدبية، إذ كان كاتبًا وأديبًا وشاعرًا ووشَّاحًا ، وقد ورد في بعض المصادر أنه لما أحسّ قصر باعه في الشعر والتوشيح عمد إلى طريقة لا يجاريه فيها أحد، فصار إمامًا لأهل الزجل. تجاوزت شهرته في الزجل الأندلس إلى المغرب والمشرق وقد صدر ديوان أزجاله صوت في الشارع أول مرة عام 1896م ثم عام 1933م بحروف لاتينية ثم نشر مرة ثالثة من قبل المستشرق الأسباني غارسيه قومس بحروف لاتينية مع ترجمة أسبانية.

ذاب تنظر في مركز مطبـوع ::  بكـلامً نبــــــيل 

   يبدأ بمنتصف القرن السادس إلى القرن السابع الهجري، وهو مرحلة شهدت وفاة ابن قزمان وسقوط دولة المرابطين وقيام دولة الموحدين. ويعد أحمد ابن الحاج المعروف بمدغليس هو زجال هذا الطور وخليفة ابن قزمان في زمانه، كما ظهر زجالون آخرون كابن الزيات وابن جحدر الإشبيلي وأبي علي الحسن الدباغ.
هـ- الطور الخامس والأخير:
    في حياة الزجل في الأندلس يقع في القرن الثامن الهجري، وكان من أشهر زجاليه الوزير لسان الدين بن الخطيب، وأبو عبد الله اللوشي، ومحمد بن عبد العظيم الوادي آشي.

موضوعات الزجل في الأندلس :
    عالج الزجل كثيرًا من الموضوعات التي عرفها الشعر والموشح، إلا أن الزجل كان يمزج في القصيدة الواحدة بين غرضين أو أكثر. فالغزل يمتزج بوصف الخمر والمدح يأتي في معيَّته الغزل أو وصف الطبيعة، ومجالس الشراب. ووصف الطبيعة تصحبه مجالس الطرب والغناء. أمّا الأزجال التي اختصت بغرض واحد لا تتجاوزه فقليلة. ويعدُّ الزجل الصوفي من الأزجال ذات الغرض الواحد وكان الشستري (توفي سنة 682هـ، 1283م) من زجالي القرن السابع الهجري أول من كتب الزجل في التصوف كما كان ابن عربي أول من كتب الموشح في التصوف.

     تتفق القصيدة الزجلية مع القصيدة المُعْرَبة في التزام الوزن الواحد والقافية الواحدة والمطلع المصرع. وتختلف عنها في بساطة اللغة وعفويتها حتى تبلغ درجة السذاجة أحيانًا في بعدها عن الإعراب ووقوع اللحن فيها.






ومن أزجال الشستري الصوفية قوله:



الزجل في المشرق العربي :


علي البغدادي (ت684هـ) في العراق، وابن النبيه (619هـ) وابن نباتة (ت 718هـ) في مصر، وأحمد الأمشاطي (ت 725هـ) وعلي بن مقاتل الحموي (761هـ) في الشام، وغيرهم.




   كان لظهور الزجل وانتشار النظم به أثرهما، ليس على المستوى الإبداعي فحسب، بل على مستوى الكتابة حول الزجل أيضًا، وذلك بتناول جوانب من تاريخه أو ظواهره أو قواعد نظمه أو خصائصه الغنية أو دوره الاجتماعي.

    ولكن، ولحسن الحظ، يصلنا من القرن الثامن الهجري مصدر أكثر استقصاء، وهو كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي لمؤلفه صفيّ الدين الحِلِّي (ت 750هـ). انظر: العاطل الحالي. وقد مارس المؤلف نظم الزجل واحتك بالزجالين خلال تجواله الطويل بين حواضر مصر والشام والعراق. وقد هيأ له كل هذا إمكانية نقل كتابته من مستوى إيراد المعلومات والأخبار إلى مستوى التأريخ لحركة الزجل حتى أيامه، والاجتهاد في تأسيس قواعد لنظم الزجل. ومن بدايات القرن التاسع الهجري يصلنا كتاب آخر، يتابع العاطل الحالي، وهو كتاب بلوغ الأمل في فن الزجل لمؤلفه ابن حجة الحموي (ت 837هـ). وابن حجة، أيضًا، كان ينظم الزجل وخالط الزجالين متنقلا بين الشام ومصر. وما زال الكتابان مصدرين يرجع إليهما الدارسون لتاريخ الزجل وقواعد نظمه.


     مع قيام النهضة العربية الحديثة، انتقل الزجل إلى طور جديد. فقد تبنى الزجل فئة من المثقفين الذين كانوا فصيلاً في حركة النهضة الوطنية. وقد جهدوا في تنمية أدوات الزجل ووسائله الفنية للاستفادة من إمكاناته في تيسير توصيل أفكارهم إلى جمهورهم المُبْتَغى، وهو جمهور أوسع، ولاشك، من دائرة مثقفي الخاصة. كما عملوا على تخليص الزجل من الركاكة والتكلُّف اللذين رانا عليه من عهود الانحدار السابقة، وعلى فك إساره من أيدي فئة الأدباتية الذين تدنوا به إلى مستوى استخدامه في التسوّل والابتزاز.




 1ـ حملة دُعاة الفصحى ضد كل أشكال التعبير باللهجات الدارجة          أو العامية.
2ـ الالتفات إلى المأثور الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري)، وخاصة الجانب القولي منه، وعلى الأخص بعض أشكال النظم منه.
3ـ تركيز مثقفي كل قطر عربي على شكل بعينه من أشكال النظم في إحدى اللهجات الدارجة في جهة من جهاته، واعتباره حاملاً لخصائص القطر المتميزة ومعبرًا عن ذاتيته المتفردة. كما حدث، مثلاً، مع الشعر النبطي في المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج العربية.
4ـ ظهور الاتجاه الجديد في النظم باللهجات الدارجة، والذي عُرف باسم شعر العامية، الذي يبتعد عن أرض الزجل وأضرابه متحركًا نحو أرض الشعر الحُرّ المعاصر.


==============













( الوحدة الثانية )
فنون النثر الأندلسي
تعددت فنون النثر في الأندلس ، فمن ذلك :
1ـ الخطابة  :
     عندما دخل العرب الأندلس فاتحين كانوا بطبيعتهم ميالين إلى الخطابة ,ثم إن عصر الولاة كان عصر اضطراب وحروب وصراع بين العصبيات لعربية , فكان ذلك داعيا إلى ازدهار الخطابة في الأندلس في ذلك العصر , فكانت الوسيلة الفعالة في إشعال الحروب وتأييد العصبية القبلية عندما تكون الحروب والنزاعات بين العرب العدنانيين والقحطانيين , وكانت الوسيلة فعالة في الحث على الجهاد وقتال الكفار عندما تكون الحروب ضد نصارى الأندلس .
     وكانت الخطابة في تلك الفترة تتميز بالسهولة والوضوح والإيجاز والبعد عن التكلف ؛ لأن الخطباء من الولاة والأمراء والقادة كانوا عربا مطبوعين على الخطابة والارتجال .
    لكن عندما استقرت الأمور ومال الناس إلى الدعة ضعفت الخطابة الأندلسية , وتفوق الشعر والنثر لفني عليها , وإن كانت الخطابة الدينية قد ازدهرت بفضل بعض العلماء الذين كانوا يجيدون الخطابة كالقاضي منذر بن سعيد البلوطي .
     وعندما عادت الأندلس إلى عصر الاضطراب والحروب في عهد ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين كانت الملكة والسليقة العربية قد ضعفت , فلم تزدهر الخطابة من جديد مع وجود دواعي الازدهار , بل دخلها كثير من الصنعة اللفظية , وامتلأت بالسجع المتكلف فضعفت , ولم يعد لها تأثير يذكر .وأشهر خطباء الأندلس : طارق بن زياد فاتح الأندلس , والأمير عبد الرحمن الداخل مؤسس الحكم الأموي في الأندلس , ومنذر بن سعيد البلوطي , والقاضي عياض , ولسان الدين بن الخطيب .


ويمكننا أن نقسم الرسائل أو ( فن الترسل ) إلى  :
أ ـ الرسائل الديوانية
  وهي الرسائل الرسمية التي تصدر من ديوان الخليفة أو الوالي إلى ولاة الأقاليم أو قادة الجيوش أو إلى الأعداء الخارجين على السلطة , وتسمى الرسائل السلطانية .لأنها صادرة من السلطان أو الحاكم ، وتسمى كذلك بالديوانية لأانها صادرة من ديوان الحكم ، وتسمى بالإنشائية لصدورها عن دار الإنشاء الخاص بالحاكم ، وباختصار هي رسالة موجهة من الحاكم إلى الرعية أو إلى حاكم آخر ، أو إلى عماله وأمرائه ووزرائه ، ويكتبها بالطبع وزير من الكتاب ، وهي أشبه ما تكون اليوم بالمراسيم التي تصدر اليوم من دور الحكم .

   ومن كتاب الرسائل السلطانية : ابن زيدون , وابن برد الأصغر , ولسان الدين ابن الخطيب
ب ـ الرسائل الإخوانية
   وهي الرسائل التي تدور بين الإخوان والأصدقاء للتهنئة أو التعزية أو الشوق أو الشكر أو العتاب وهي ميدان فسيح للإبداع والتأنق , خصوصا إذا كانت بين أديبين يريد كل واحد منهما أن يظهر براعته للآخر , وأن يرتفع بمستوى رسالته إلى آفاق سامية من الجمال والإبداع .
   ولأدباء الأندلس رسائل إخوانية كثيرة , أجادوا فيها وأبدعوا , منها القصير وهو الغالب , ومنها الطويل الذي يستوعب عدة صفحات
   ومن أشهر كتاب هذا النوع من الرسائل : ابن زيدون , وابن برد الأصغر , والفتح ابن خاقان , ولسان الدين بن الخطيب
ج ـ الرسائل الأدبية الخالصة : وهي أشبه بما يكتبه اليوم محررو الصحف من مقالات وافتتاحيات ، إذ هي غير موجهة لأحد بعينه ، بل لعامة القراء .
3ـ المناظرات :
   أجاد الأندلسيون في المناظرات الأدبية والمفاضلة بين الأشياء الواقعية , كالمفاضلة بين المشرق والأندلس , أو بين مدن الأندلس كقرطبة وطليطلة مثلا , والخيالية كالمناظرة بين السيف والقلم , وبين أنواع الورود أو الفواكه
      والمناظرات الأدبية ميدان فسيح للإبداع , وقد أكثر الأندلسيون من عقد المناظرات والمقارنات بين الأندلس وبلدان المشرق دفاعا عن بلدهم ضد من اتهم الأندلس بالتقليد والتبعية للمشرق في كل شيء , كما فعل الإمام ابن حزم في كتابـه :  " فضائل الأندلس " , وكما فعل أبو الوليد إسماعيل الشقندي أيضا .
     ومن المناظرات ما كان يقوم بين بلدان الأندلس نفسها , كما في رسالة الأديب أبي بحر بن إدريس إلى الأمير عبد الله بن يوسف الموحدي , والتي بناها على مناظرة بين مدن الأندلس , حيث يحكي مفاخرا كل مدينة أندلسية , وما تمتاز به على المدن الأخرى , وأنها أولى بإقامة الأمير فيها من غيرها ومن المناظرات الخيالية المناظرة التي عقدها ابن برد الأصغر بين السيف والقلم .
4ـ المقامات
   تحدثنا عن المقامات عند دراستنا للأدب العباسي , ونشير هنا إلى أن الأندلسيين قلدوا المشارقة في فن المقامات , فكتبوا مقامات عديدة لم تنل شهرة مقامات بديع الزمان الهمذاني ولا الحريري
   ومن كتاب المقامات في الأندلس : أبو حفص عمر الشهيد , وأبو الحجاج القضاعي , وأبو طاهر محمد التميمي السرقسطي " المقامات السرقسطية " وعددها خمسون مقامة على عدد مقامات الحريري ، ولسان الدين بن الخطيب ومن مقاماته بعنوان : " معيار الاختيار في أحوال المعاهد والديار " , و " خطرة الطيف ورحلة الشتاء والصيف "
كتب برامج العلماء : وتضم شيوخ مؤلفيها ، وما أخذوه عنهم من الروايات،  وما قرؤوه عليهم من الكتب ، وما حصلوا عليه من الإجازات.
    واختلفت تسمية البرنامج بحسب المؤلِّفين، فيقال له المعجم، والمشيخة، والفهرس، والثبت، والسند والتقييد.
    ومن هذه الكتب فهرس ابن خير الإشبيلي ( ت575هـ)، وبرنامج المجاري (ت862هـ)، وثبت البلوي الوادي آشي (ت938هـ).

============
مميزات النثر الأندلسي:
    الشعر في الأندلس امتداد للشعر العربي في المشرق؛ فقد كان الأندلسيون متعلقين بالمشرق، ومتأثرين بكل جديد فيه عن طريق الكتب التي تصل إليهم منه  أو العلماء الذين يرحلون من الشرق أو الأندلسيين الذين يفدون إلى الشرق للحج أو لطلب العمل , فكانت حبال الود ووشائج القربى قوية بين مشرق العالم الإسلامي ومغربه
   وكان الأندلسيون ينظرون إلى الشرق وما يأتي منه نظرة إعجاب وتقدير؛ فكانوا في غالب أمرهم مقلدين للمشارقة, ويبدو ذلك واضحا في ألقاب الشعراء وفي معارضاتهم لشعراء المشرق
    ولكن هذا التقليد لم يمنعهم من الإبداع والابتكار, والتميز بميزات تخصهم نتيجة لعوامل كثيرة, أهمها البيئة الأندلسية الجديدة الجميلة التي طبعت الأدب الأندلسي بطابع خاص
    ويمتاز الشعر الأندلسي في ألفاظه ومعانيه وأخيلته بسمات تبدو واضحة في مجمله, ومنها
1ـ وضوح المعنى, والبعد عن التعقيد الفلسفي أو الغوص على المعاني وتشقيقها
3ـ قلة الدخيل والألفاظ الأعجمية؛ فقد لاحظ الدارسون أن الأندلسيين أكثر تمسكا بالعربية الفصحى من غيرهم
4ـ التجديد في بعض أغراض الشعر والتفوق فيها, ويبدو ذلك واضحا في رثاء الممالك الزائلة, وفي وصف الطبيعة
5ـ الخيال المجنح, وبراعة التصوير, والاندماج في الطبيعة, ووصف مناظرها الخلابة, وذلك أثر من آثار جمال الطبيعة الأندلسية, وتعلق الأندلسيين بطبيعة بلادهم, وانعكاس ذلك على شعرهم سواء من ناحية الألفاظ المنتقاة أو الخيال أو التصوير والتشخيص.
6ـ التجديد في الأوزان, وذلك باختراع الموشحات، وسوف نتحدث عن الموشحات حديثا مفصلا.
7ـ البعد عن المحسنات اللفظية المتكلفة والمبالغة, وبروز التشبيهات الجميلة والاستعارات الدقيقة وحسن التعليل.
     والخلاصة أن الأندلسيين قد قلدوا المشارقة, ولكن هذا لم يمنعهم من الابتكار والتفوق في مجالات عديدة .


==============  











تراجم لبعض الكتاب والشعراء
المعتمد بن عباد ملك أشبيلية
================

    كان "محمد بن عباد" ولد الخليفة المعتضد بالله ، ملك أشبلية ، يتمشى مع صاحبه  ووزيره  ، فيما بعد ابن عمار عند مكان يسمى ، مرج الفضة ، و كان محمدٌ شاعراً رقيق القلب ، يختلط بالعامة ، و بينما هما يتمشيان عند ضفاف النهر نظر محمد إلى تموجات النهر بفعل الرياح ، و قال:"صنع الريح من الماء زرد" وطلب من ابن عمار أن يجيزالبيت ، أي يكمله ، و كان ابن عمار نفسه شاعرا ، وأخذ ابن عمار يفكر ، ولكن دون جدوى ، وكأن الله أراد أن يخرسه ، لينطق تكملة البيت على لسان الجارية ((اعتماد)) التي سمعتهما ، بينما هي تغسل الثياب عند حافة النهر ،  فأكملت قائلة : أي درع لقتال لو جمد" فسعد لذلك محمد وأعجب بالجارية ، فكان هذا البيت سبب سعدها وشقائها فيما بعد ، فما أن وقعت عين محمد بن عباد عليها حتى افتتن بجمالها ، كما افتتن بسرعة بديهتها وذكائها، و عرف "محمد بن عباد" أنها جارية عند الرميك ابن الحجاج تخدم زوجه، فأرسل الخدم و المزينات ليخطبوها له ويحملوها إليه لا كجارية ،          و لكن "كزوجة حرة" ، و لذلك لم يضمها إلي جواريه و قد كان ذلك هينا عليه ، و كان محمد ولهاً  بها ، لا يصبر على فراقها ساعة ، ويكن لها محبة خاصة ، حتى إذا مات أبوه المعتضد ، و تولى من بعده الحكم ، اشتق لقب الملك من حروف اسمها ، فسمى نفسه "المعتمد بالله بن عباد" ، من اسم الزوجة " اعتماد" ـ الجارية سابقا ـ  لتخلد محبته لها في أخبار التاريخ ، عاشت معه في رفاهية وعز فاق الوصف، وحظيت عنده حتى كان لا يرد لها طلبا ، وفي يوم من الأيام رأت "الملكة اعتماد" " الجارية سابقا" جواري يبعن اللبن وقد شمرن عن سوقهن ، وسواعدهن يخضن في الطين ، فحنت اعتماد إلى ماضيها فقالت : اشتهي أن أفعل أنا وبناتي كفعل هؤلاء الجواري، فما كان من "ابن عباد" ، الملك طبعا إلا أن بادر إلى تلبية طلبها ، ولكن بطريقة البذخ والتبذير المفرطة ، التي كلفت خزينة دولته أموالا طائلة ، حيث أمر بالعنبر والمسك والكافور وغيرها من الأطياب ، فسحقت وعجنت بماء الورد ، ليكون في هيئة الطين ، واحضر القرب والحبال " لاعتماد الملكة" و"بناتها الأميرات"  فحملن القرب والحبال ، ورفعن عن سوقهن ، وخضن في طين العنبر والمسك والكافور .

    وكان المعتمد بن عباد قد فزع من بن تاشفين أن ينزعه الملك فكتب إلى الفونسو يطلب نصرته ، و عندما علم ابن تاشفين بما فعله المعتمد بعد أن كان قد نصر المعتمد على الفونسو ، حشد بن تاشفين جنده إلي إشبيلية ، و قاتل "المعتمد بن عباد" الذي ما لبث أن استسلم على أن يؤمن دمه و دم عياله من القتل ، و مع ذلك قتل اثنين من أولاده ، و يقال ثلاث على يد المرابطين ، و كانوا كلهم أبناؤه من "اعتماد"،  وأسره ابن تاشفين ، مع من بقي من عياله و أخرجه ذليلا على مشهد و مرأى من الناس ، منفيا إلى بلاد المغرب ، غير أنه عاقبه أشد العقاب لطلبه "النصرة من الرومي" و قتاله إياه  ، فنفاه إلى أقصى بلاد المغرب ، إلى مدينة أغمات على بغلة يركبها هو و "اعتماد"، بينما حرس المرابطين يركبون الأحصنة ، إمعانا في ذله ، و أسكنه في بيت وضيع بدائي في المدينة ، و وضع عليه حارسا غليظا ، وقيد رجليه في الحديد حتى لا يخرج من البيت ، و لم يكتفِ بذلك ، بل منع عنه المال و الأقوات ، فأصبح بناته حفاة عراة ، يغزلن الغزل ويجمعونه من الشياه الميتة ، ويبعيونه في الأسواق ، ولا يجدن أحياناً من يشتريه منهن ، وأصبح الناس يتصدقون عليهم بالمال و الطعام و الملابس ، وفي هذه الأيام ، أيام الذل يقال : إن المعتمد غاضب زوجته اعتماد ، فقالت لم أرَ معك خيرا قط فقال : ولا يوم الطين؟! فبكت واعتذرت .

    وماتت اعتماد ، وحزن المعتمد عليها حزنا شديدا، و مات بعدها بثلاثة أشهر حزنا و كمدا عليها... و دفنا كلاهما في" مدينة أغمات ، جنوب المغرب "
  وكان المعتمد قد كتب أبياتاً يرثى نفسه يوم العيد و هو في الأسر :
يقول منها :

===========
ومن كتاب الأندلس :
ابن حزم القرطبي الظاهري
=================
اسمه ونسبه:
    هو: الإمامُ الأوحدُ، البحرُ، ذو الفنون والمعارف، الفقيهُ الحافظُ، المتكلِّمُ الأديبُ، الوزيرُ الظَّاهريُّ، صاحبُ التَّصانيف؛ أبو محمَّدٍ عليُّ بنُ أحمدَ بنِ سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد، الفارسيُّ الأصل، ثمَّ الأندلسيُّ القرطبيُّ اليزيديُّ؛ مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي ـ رضي الله عنه ـ المعروف بيزيد الخير، نائب أمير المؤمنين أبي حفصٍ عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ على دمشقَ. فكان جده يزيد؛ مولىً للأمير يزيد أخي معاوية، وكان جدُّه خلف بن معدان هو أول من دخل الأندلس في صحابة ملك الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام المعروف بالدَّاخل .
 مولـده :
    قال القاضي صاعد بن أحمد التَّغْلبيُّ (462هـ): كتبَ إليَّ ابنُ حزمٍ ـ بخطِّه ـ يقول: ولدتُ بقرطبةَ، في الجانب الشَّرقي، في رَبَضِ منية المغيرة، قبل طلوع الشَّمس، وبعد سلام الإمام من صلاة الصُّبح، ءاخر ليلة الأربعاء، ءاخر يومٍ من شهر رمضانَ المعظَّم ـ وهو اليوم السابع من نُوَنْيِر ـ سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، بطالع العقرب.
نشأته:
      نشأ في تنعُّمٍ ورفاهيَّةٍ، ورُزِقَ ذكاءً مفرطاً، وذهناً سيَّالاً، وكتباً نفيسةً كثيرةً. وكان والده من كُبَراء أهل قرطبة؛َ عمل الوزارة في الدَّولة العامرية، وكذلك وَزَرَ أبو محمَّد في شَبِيبَتِهِ.
     وكان قد مهر أوَّلاً في الأدب والأخبار والشِّعر، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة؛ فأثَّرت فيه تأثيراً لَيْتَهُ سَلِمَ من ذلك، ولقد وقفتُ له على تأليفٍ يحضُّ فيه على الاعتناء بالمنطق، ويقدِّمه على العلوم؛ فتألَّمْتُ له، فإنَّه رأسٌ في علوم الإسلام، متبحِّرٌ في النَّقل، عديم النَّظير، على يُبْسٍ فيه، وفَرْطِ ظاهِرِيَّةٍ؛ في الفروع لا الأصول.

      قيل إنَّه تفقَّه أوَّلاً للشَّافعيِّ، ثمَّ أدَّاه اجتهاده إلى القول بنَفْي القياس كلِّه؛ جَلِيِّه وخَفِيِّه، والأخذ بظاهر النَّصِّ، وعموم الكتاب والحديث، والقول بالبراءة الأصلِيَّة، واستصحاب الحال. وصنَّفَ في ذلك كتباً كثيرةً، وناظر عليه، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدَّب مع الأئمة في الخطاب؛ بل فَجَّجَ العبارة، وسَبَّ وجَدَّع، فكان جزاؤه مِنْ جنس فعله، بحيث إنَّه أعرضَ عن تصانيفه جماعةٌ من الأئمَّة، وهجروها، ونفروا منها، وأُحرقتْ في وقتٍ، واعتنى بها آخرون من العلماء، وفتَّشوها انتقاداً واستفادةً، وأخذاً ومؤاخذةً، ورأوا فيها الدُّرَّ الثَّمين ممزوجاً ـ في الرَّصْف ـ بالخَرَزِ المَهين؛ فتارةً يطربون، ومرَّةً يعجبون، ومن تفرُّده يهزَؤُون.
   وفي الجملة؛ فالكمال عزيز، وكلُّ أحدٍ يُؤخذ من قوله ويترك؛ إلا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
 منزلتـه العلميــة:
     وكان ينهض بعلومٍ جمَّةٍ، ويُجيد النَّقل، ويُحْسِنُ النَّظْمَ والنَّثْرَ. وفيه دِينٌ وخَيْر، (وتورُّعٌ، وتزهُّدٌ، وتحرٍّ للصِّدق) ، ومقاصدُهُ جميلةٌ، ومصنَّفاته مفيدةٌ، وقد زهد في الرِّئاسة، ولزم منزله؛ مُكِبَّاً على العلم، فلا نغلو فيه، ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قَبْلَنا الكبارُ:
      قال أبو حامد الغزَّالي (505هـ) ـ رحمه الله ـ : قَدْ وَجَدْتُ في أسماء الله تعالى كتاباً ألَّفه أبو محمَّد بنُ حزمٍ الأندلسيُّ؛ يدلُّ على عِظَمِ حِفْظِهِ، وسيلان ذِهْنِهِ.
     وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد: كان ابنُ حزم أجمعَ أهل الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام، وأوسعَهم معرفةً، مع توسعه في علم اللِّسان، ووُفور حظِّه من البلاغة والشِّعر، والمعرفةِ بالسِّيَر والأخبار. أخبرني ابْنُهُ الفَضْلُ أنَّه اجتمع عنده بخطِّ أبيه ـ أبي محمَّدٍ ـ من تواليفه؛ أربعُ مئةِ مجلَّدٍ، تشتمل على قريبٍ من ثمانينَ ألف ورقةٍ . 
      قال أبو عبد الله الحميديُّ : كان ابنُ حزمٍ حافظاً، عالماً بعلوم الحديث وفقهه، مُسْتنبطاً للأحكام من الكتاب والسُّنَّة، متفنِّناً في علوم جمَّةٍ، عاملاً بعلمه، زاهداً في الدُّنيا بعد الرئاسة التي كانت له ولأبيه من قبله من الوزارة وتدبير الممالك، متواضعاً، ذا فضائل جمَّة، وتواليف كثيرة في كلِّ ما تحقَّق به في العلوم، وجمع من الكتب في علم الحديث، والمصنَّفات، والمُسندات؛ شيئاً كثيراً، وسمع سماعاً جمَّاً. وما رأينا مِثْلَهُ ـ رحمه الله ـ فيما اجتمع له من الذَّكاء، وسُرْعَةِ الحفظ، وكرم النَّفْس، والتَّدَيُّن. وكان له في الأدب والشِّعر نَفَسٌ واسعٌ، وباعٌ طويلٌ، وما رأيتُ من يقول الشِّعر على البديهة أسرعَ منه، وشعره كثيرٌ؛ جَمعتُه على حروف المعجم.
       وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عُمَر من وزراء المنصور محمَّد بن أبي عامر؛ مدبِّر دولة المؤيَّد بالله بن المستنصر المروانيِّ، ثم وزر للمظفَّر بن المنصور، ووَزَرَ أبو محمَّد للمُسْتظهر بالله عبد الرَّحمن بن هشام، ثم نَبَذَ هذه الطريقة، وأقبل على العلوم الشَّرعية، وعُني بعلم المنطق، وبرع فيه، ثم أعرضَ عنه.
    قلتُ : ما أعرضَ عنه حتَّى زرع في باطنه أموراً، وانحرافاً عن السُّنَّة.
    قال: وأقبل على علوم الإسلام حتَّى نال من ذلك ما لم ينله أحدٌ بالأندلس قبله .
    وقد حَطَّ أبو بكر ابن العربيِّ على أبي محمَّدٍ؛ في كتاب: (( القواصم والعواصم)) ، وعلى الظَّاهريَّة ، ولم يُنْصِف القاضي أبو بكر ـ رحمه الله ـ شيخ أبيه في العلم، ولا تكلَّم فيه بالقِسْط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر ـ فعلى عظمته في العلم ـ لا يبلغ رُتْبة أبي محمَّد؛ ولا يكادُ، فرحمهما الله، وغفر لهما.

      قال اليَسَعُ ابنُ حزمٍ الغافقيُّ (575هـ) ـ وذكر أبا محمَّدٍ ـ فقال: أمَّا محفوظه؛ فبحرٌ عجَّاج، وماءٌ ثجَّاجٌ، يخرج من بحره مَرجان الحِكَم، وينبت بثَجَّاجه ألفاف النِّعم في رياض الهِمم، لقد حفظ علوم المسلمين، وأربى على كلِّ أهلِ دِينٍ، وألَّف: ((الملل والنِّحَل)). وكان في صباه يلبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إلا بالسَّرير، أنشدَ المعتمدَ؛ فأجاد، وقصد بَلَنْسِيَةَ وبها المظفَّر أحدُ الأطواد. وحدَّثني عنه عمرُ بنُ واجب؛ قال: بينما نحن عند أبي ببَلَنْسِيَةَ، وهو يدرِّس المذهب، إذا بأبي محمَّدٍ بن حزم يَسْمَعُنا؛ ويتعجَّبُ، ثم سألَ الحاضرينَ مسألةً مِن الفقه، جُووب فيها، فاعترضَ في ذلك، فقال له بعض الحُضَّار: هذا العلمُ ليس مِنْ مُنْتَحَلاتِكَ! فقامَ وقَعَدَ، ودخل منزله فعَكَفَ، ووَكَفَ منه وابلٌ فما كَفَّ، وما كان بعدَ أشهرٍ قريبةٍ حتى قَصَدْنا إلى ذلك الموضع، فناظر أحسنَ مناظرةٍ، وقال فيها: أنا أتَّبِعُ الحقَّ، وأجتهدُ، ولا أتقيَّدُ بمذهبٍ.
      وقال ابن خلكان: كان حافظًا عالما بعلوم الحديث مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة بعد أن كان شافعي المذهب فانتقل إلى مذهب أهل الظاهر وكان متفننا في علوم جمة عاملا بعلمه زاهدا في الدنيا بعد الرياسة التي كانت له ولأبيه من قبله في الوزارة وتدبير الملك متواضعا ذا فضائل وتآليف كثيرة وجمع من الكتب في علم الحديث والمصنفات والمسندات شيئا كثيرا وسمع سماعا جما وألف في فقه الحديث كتابا سماه كتاب الإيصال إلى الفهم وكتاب الخصال الجامعة نحل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام والسنة والإجماع أورد فيه أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين رضي الله عنهم أجمعين وله كتاب في مراتب العلوم وكيفية طلبها وتعلق بعضها ببعض وكتاب إظهار تبديل اليهود والنصارى التوراة والإنجيل وبيان تناقض ما بأيديهم من ذلك مما لا يحتمل التأويل وهذا معنى لم يسبق إليه وكتاب التقريب بحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة وكان له كتاب صغير سماه نقط العروس جمع فيه كل غريبة ونادرة.
       وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن فتوح: ما رأينا مثله مما اجتمع له مع الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين وما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه قال أنشدني لنفسه:
( لئن أصبحت مرتحلا بجسمي ::: فروحي عندكم أبدا مقيم )
( ولكن للعيان لطيف معنى   :::   له ســأل المعاينة الكليم )
أشهر مصنَّفاتـه: ولابن حزم مصنَّفات جليلةٌ:
1.   أكبرها كتابُ: ((الإيصال إلى فهم كتاب الخِصَال الجامعة لجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام وسائر الأحكام؛ على ما أوجبه القرآن والسنة والإجماع))، أورد فيه أقوال الصَّحابة فمن بعدهم في الفقه، والحجةَ لكلِّ قول، وهو كتاب كبير، [في] خمسة عشر ألف ورقة.
2.   ((الخصال الحافظ لجمل شرائع الإسلام)) مجلدان.
3.   ((المُجَلَّى)) في الفقه، (على مذهبه واجتهاده)، مجلد.
4.   ((المُحَلَّى في شرح المُجَلَّى بالحُجَج والآثار)) ثماني مجلدات، في غاية التقصِّي.
قال الشَّيخ عزُّ الدِّين بنُ عبد السَّلام (660هـ) ـ وكان أحدَ المجتهدين ـ: ما رأيتُ في كُتُبِ الإسلام في العلم مِثْل: ((المحلَّى)) لابن حزم، وكتاب: ((المغني)) للشَّيخ موفق الدِّين.
     قلتُ: لقد صدق الشَّيخ عز الدين، وثالثهما: ((السُّنن الكبير)) للبيهقيِّ (458هـ)، ورابعها: ((التَّمهيد)) لابن عبد البَرِّ. فمن حصَّل هذه الدَّواوين، وكان من أذكياء المُفْتين، وأدمن المطالعة فيها ؛ فهو العالم حَقَّاً .
5. ((حَجَّة الوداع)).
6. ((الإجماع)).
7. ((الإحكام لأصول الأحكام))، في غاية التقصِّي [وإيراد الحجاج].
8.   ((إظهار تبديل اليهود والنَّصارى للتَّوراة والإنجيل، وبيان تناقض ما بأيديهم مما لا يحتمله التَّأويل))؛ وهو كتاب لم يسبق إليه في الحسن.
9. ((الفَصْل في الملل والنحل))، مجلدان كبيران.
10. ((التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية))، مجلد.
11. ((نقط العروس))، مجيليد.
وغير ذلك، ومما له في جزء أو كراس:
12. ((النبذ الكافية)).
13. ((النكت الموجزة في نفي الرأي والقياس والتعليل والتقليد))، مجلد صغير
14. ((السِّير والأخلاق)).
وأشياء سوى ذلك ذكرت في (سير أعلام النبلاء )

============================  


ومن الشعراء الكتاب
ابن شهيد
     عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد القرطبي أبو مروان من أعلام الأندلس ومؤرخيها ولد مات بقرطبة له تاريخ كبير يزيد على مئة جزء مات بســــــبب مرض الفالج
    ابن شهيد الأندلسي شاعر وأحد أعلام الأدب الأندلسي، هو أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن مروان بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد، يعدو بنسبه إلى غطفان، كان والده عبد الملك من شيوخ الوزراء في الدولة العامرية مقرباً من المنصور بن أبي عامر الذي كان الأمر له.
    ولد ابن شهيد في قرطبة وترعرع في حياة منعمة مرفهة نظراً لمكانة والده، بالإضافة لرعاية المنصور وتدليله له، وظل ابن شهيد ينعم بالحياة المرفهة في ظل رعاية ملوك وأمراء الدولة العامرية، حتى بعد أن قام والده بالزهد في الدنيا ودعا أولاده للتقشف، انتقل ابن شهيد من رعاية المنصور ليحظى برعاية المظفر ولي العهد الذي ألبسه الحرير وانعم عليه بالمال والملابس الجديدة، وفي عهد المظفر ارتقى ابن الشهيد في المناصب حتى وصل إلى مرتبة الوزارة، ومن بعد المظفر اتصل بأخيه عبد الرحمن الناصر.
    نظراً للمكانة الأدبية والاجتماعية التي حظي بها ابن شهيد عند الملوك والأمراء كثر الحاسدين والحاقدين عليه والذين تنكروا له فبذلوا الجهود للانتقاض من شعره وأدبه، وسعوا للوقيعة بينه وبين الأمراء، فتكدرت حياته وزج به في السجن في فترة حكم الحموديين وعاني الكثير من الظلم وأفرج عنه بعد ذلك
  مؤلفاته:
      تفرق شعر ابن شهيد ولم يصلنا منه سوى القليل والذي تفرق في بعض كتب الأدب مثل يتيمة الدهر للثعالبي، ووفيات الأعيان لأبن خلكان، ومن نثره لم يبق سوى فصول من رسالة التوابع والزوابع والتي احتفظ بها ابن بسام في كتابه الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، ومن أثاره الأخرى نذكر كشف الدك وأثار الشك، حانوت عطار، بالإضافة لغيرها من الأشعار والرسائل المتفرقة بين كتب الأدب


تعريف موجز برسالة التوابع والزوابع:.
     اختار ابن شهيد اسم التوابع والزوابع لكتابه كدلالة على المحتوى فالتوابع؟؟ جمع تابع وهو الجني الذي يتبع الإنسان ويحبه ويرافقه أما الزوابع؟؟ فهي جمع زوبعة وهي شيطان مارد أو رئيس من الجن.
     وتعد رسالة التوابع والزوابع من أشهر مؤلفات ابن شهيد وأهمها وذلك لضمها أرائه الأدبية والنقدية، واصطباغها بالطابع القصصي وبها الكثير من الخيال، فتدخل ضمن نوادر التراث القصصي العربي، وتتمتع بأسلوب فريد قلما نجده في غيرها من الرسائل الأدبية، فهي تعرض القضايا الأدبية والنقدية في إطار قصصي وذلك عبر مناظرات أدبية بين كل من ابن شهيد وتوابع بعض الشعراء والكتاب ونقاد الجن.
      وفي التوابع والزوابع تخيل المؤلف أنه قام برحلة إلى عالم الجن وهناك التقى بشياطين الشعراء والكتاب ووقعت بينهم مناظرات أدبية تفوق فيها ابن شهيد على الجميع وأرضى غروره وذلك في إطار قصصي، وفي رسالته التقى ابن شهيد بتوابع عدد من الشعراء والأدباء منهم امرئ القيس، طرفة بن العبد أبي تمام، البحتري، أبي نواس، المتنبي، الجاحظ وغيرهم.
     ورسالة ابن الشهيد عبارة عن مدخل وأربع فصول فصل في توابع الشعراء، وفصل في توابع الكتاب، وفصل في نقاد الجن، وفصل في حيوان الجن .
مميزات الرسالة :
  أسلوب ابن شهيد قوي يدل على جمعه الإبداع في النثر والنظم وألوان العلم والأدب والمناظرة والنقد.  
2ـ في أسلوبه شيء من التكلف والصناعة اللفظية . 
 تمتاز بالإيجاز والبعد عن الإطالة .
4ـ يبدوا تأثير ابن شهيد بالمعري في ( رسالة الغفران ) وببديع الزمان الهمذاني في كثير من مقاماته وخاصة المقامة ( الإبليسية ) . 
5ـ البناء القصصي واضح في الرسالة من حيث الاهتمام بالســــرد حيناً والتحليل حـــيناً آخر .
أهم القضايا النقدية التي عالجها :
   من القضايا التي عالجها ابن شهيد في نقده الخروج على ذلك النظام المتبع في القصيدة العربية منذ العصر الجاهلي وهو ما يسى بالمقدمة الطللية وانكاره الشديد على الشعراء الذين يولون هذه المقدمة اهتماما ينسيهم الغرض الأساسي الذي من اجله أنشئت القصيدة فلا يشيرون إليه إلا إشارة بسيطة .
من القضايا التي أثارها ابن شهيد السرقات الشعرية :
   وهي من اقدم المواضيع التى تنبه اليها النقاد واكثروا القول فيها بل انها من المسائل التي شغلتهم ، والسرقات الشعرية تمتد جذورها إلى العصر الجاهلي لكن على نطاق محدود .
    و رأي ابن شهيد يتلخص في قوله إذا اعتمدت معنى قد سبقك إليه غيرك فأحسن تركيبه وأرق حاشيته فاضرب عنه جملة وإن لم  يكن بد ففي غير العروض التي تقدم إليها ذلك المحسن لتنشط طبيعتك هذا الرأي تفرد به ابن شهيد بين النقاد يدل على ذكاءه ولباقة لان تغيير العروض يغير موسيقى البيت فيتحقق نوع من الاختلاف وهذا من أنواع الحيلة  على الرغم من ذلك أن الناقد المثقف الملم بالأشعار لا تخفى عليه مثل هذه الأشياء فهو يستطيع أن يخرج البيت المسروق مهما حاول قائله أن يغــــير ويــــبدل فيه .
===========
ابن دراج القسطلي
421هـ
مولده و نشأته :
    اسمه الكامل أَحْمَد بن مُحَمد بن أحْمد بن سُليمان بن عيسى بن دراج القسْطلِّي، وكنيته أبو عمر .
    وهو كاتب وشاعر ، ولد في شهر محرم سنة 347 هـ /958 م في بيت ذي مكانة من بيوت قسطلة ، فقد كانت أسرة ابن دراج - بشهادة الكثيرين ممن ترجموا له - أسرة نبيلة، مرموقة الشأن.
    أما عن طفولة ابن دراج و الأساتذة الذين أخذ عنهم فإن المراجع التي ترجمت له لا تجود بالشيء الكثير من أخبار هذه المرحلة من حياة الشاعر ، إذ يلفها غموض يمتد من مولده إلى ظهوره فجأة في بلاط المنصور بن أبي عامر، مما جعل حديث الدارسين عن هذه الفترة يعتمد على الظن حينا و على التخمين أحيانا أخرى ، حيث يقول محمود علي مكي : " وأغلب الظن أن ابن دراج بدأ حياته تلميذاً يتردد على مجالس الشيوخ وحلقاتهم في جيان .
    ولعل دراسته في تلك الفترة المبكرة من حياته لم تكن تختلف عما يتلقاه أمثاله من الصبيان من حفظ للقران ، وإلمام  بمبادئ النحو و اللغة والأدب و الأخبار والأنساب والفقه .
   وعلى أي فابن دراج بعد تلك الطفولة التي لا نعرف عنها الشيء الكثير صار فحلاً من فحول الشعر في زمانه ، و شهد له الكثير من النقاد بتفوقه و براعته ، ومن يكن أمره كذلك لابد أن يكون قد نشأ تنشئة أدبية عالية.
    و في العاصمة الأندسية " قرطبة " التي تطلّع لها الشاعر بعد أن فاضت شاعريته ؛ سطعت شمسه و شاع ذكره ، و إجمالا فابن دراج عاش في ظل الدولة العامرية ستة عشر عاما  ( 382 – 399 ه ) ، و هي فترة ليست بالقصيرة مدح خلالها الحاجبين العامريين المنصور بن أبي عامر وابنه عبد الملك المظفر ،      و يمكن اعتبار هذه الفترة أخصب فترات الشاعر إذ نعم باستقرار مادي و معنوي ففاضت شاعريته ،  فقد مدحهما بما يفوق خمسين قصيدة ، وهذا يدل على كثرة شعره ، بل يعد من أغزر شعراء العربية ، والسمة البارزة في شعره هي غلبة المدح بشكل ملفت للنظر إن لم نقل أنه مـدحٌ تشوبه أحيانا بعض الأغراض الأخرى .

      يتكون ديوان ابن دراج بمعزل عن مقدمة الناشر ومقدمة المحقق والفهارس من 454 صفحة ، جاءت في ثناياها 163 قصيدة ومقطوعة ، بالإضافة إلى ملحق من 15 صفحة يتضمن أشعارا أخرى للشاعر مبثوثة في مصادر الأدب المختلفة.
      ويبلغ عدد أبيات الديوان قرابة ستة  آلاف بيت [5935] ، وهو بذلك يعد من أغزر الشعراء الأندلسيين شعرا بل من أكثر شعراء العربية إنتاجا .
     ويعتبر موضوع المدح الموضوع الغالب على قصائد الديوان ، إذ لا نعثر على أعمال مستقلة عن المدح سوى بعض الآثار القليلة التي توشك أن تضيع في زحمة المدح .
                    ===============
ما قيل عن ابن دراج  :
 - من النقاد القدماء   :
  قال عنه الثعالبي : ( كان بالأندلس كالمتنبي بالشام )
  وقال عنه ابن حيان الأندلسي : " و أبو عمر القسطلي سباق حلبة الشعراء العامريين وخاتمة محسني أهل الأندلس أجمعين "
   وقال عنه الحميدي الأندلسي : " وهو معدود في جملة العلماء و المقدمين من الشعراء و المذكورين من البلغاء ، و شعره كثير يدل على علمه وله طريقة خاصة في البلاغة والرسائل تدل على اتساعه و قوته "
 - من النقاد المحدثين  :
    قال عنه الدكتور أحمد ضيف : " ....أما شعره فهو في جملته شعر من يتردد على موائد الأدب ليتذوق من كل لون طعما ، و يجمع هذه الطعوم ليجعل له مائدة خاصة به يدعو إليه الآكلين وكأنما يأكلون من مائدته "
     وقال عنه  الدكتور أحمد هيكل : "... أما شعره من الناحية الفنية فإن أول ما يلاحظ عليه أنه يبلغ الذروة من الاتجاه المحافظ الجديد ، وتتضح فيه معالم هذا الاتجاه بأكمل ما يكون الاتضاح ، وتبدو فيه ناضجة أحسن ما يكون النضج حتى ليمكن أن يعتبر ابن دراج قمة هذا الاتجاه في الأندلس في أواخر القرن الرابع الهجري و أوائل القرن الخامس "
وفاة الشاعر ابن دراج القسطلي :
    وفي عام 421هـ توفي الشاعر الأندلسي المشهور ابن دراج القسطلي رحمه الله عن عمر يناهز  86 سنة  .
=============


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من الشعر الشعبي ـ سالفة نورة الحوشان

لامية أبي طالب في مدح رسول الله

عقوبات تعجل في الدنيا